وقد أورد على ذلك بوجهين :
الأوّل : ما أشار إليه الشيخ نفسه ، من أنّه لا دليل على جواز الأخذ من بلّة الوضوء مطلقاً ، حتى من الأجزاء المستحبة ، وإنّما ثبت جواز الأخذ من الأجزاء الأصليّة ، فالقول باستحباب غسل المسترسل من اللحية لا يستلزم جواز المسح ببلّته.
الثاني : ما ذكره صاحب الكفاية (قدسسره) في تعليقته على الفرائد وحاصله عدم جواز المسح بالبلّة المذكورة ، حتى على القول باستحباب الغسل شرعاً لأنّه مستحب مستقل في واجب أو في مستحب وليس من أجزاء الوضوء (١).
أقول : لا بد من ملاحظة دلالة الخبر الضعيف ، فان دل على صرف الاستحباب من دون كون اللحية المسترسلة من أجزاء الوضوء ، بأن يكون مستحباً نفسياً في ضمن الوضوء ، فكلامه تام ، وإن دل على الجزئية أيضاً فما أفاده خارج عن الفرض ، والاحتمال الثاني قوي جداً فانّ موارد كون شيء مستحباً مستقلاً في ضمن واجب أو مستحب آخر قليلة بخلاف كونه جزءاً أو شرطاً له فان ذلك غالب وشائع في المركبات الاعتبارية ، ومن هنا قال المحقّق الاصفهاني (قدسسره) : «إنّ استحباب غسل المسترسل من اللحية لا يحتمل عادة أن يكون مستحباً نفسياً في ضمن الوضوء بحيث يكون الوضوء ظرفاً له ، بل لو كان مستحباً لكان جزء الفرد وكمالاً للوضوء» (٢).
وقد يقال بظهور الثمرة في برّ النذر المتعلّق بإتيان مستحب شرعي بإتيان ما قام به الخبر الضعيف ، وأنت خبير بأنّها ليست ثمرة لمسألة أُصولية كما لا يخفى.
***
__________________
(١) تعليقة المحقّق الخراساني (قدسسره) على الفرائد.
(٢) نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٥.