أبحث فيها عن حجّية شيء أم لا.
ومن خواص المسألة الأُصولية ، أنّها لا تنفع في العمل ما لم تنضمّ إليها قوة الاجتهاد ، واستعمال ملكته ، فلا تفيد المقلِّد ، بخلاف المسائل الفرعية فإنَّها إذا أتقنها المجتهد على الوجه الذي استنبطها من الأدلّة جاز إلقاؤها الى المقلّد ليعمل بها.
فقاعدة التسامح مسألة أُصولية ؛ لأنّها بعد إتقانها واستنباط ما هو مراد الشارع منها ، يرجع إليها المجتهد في استحباب الأفعال ، وليست ممّا ينفع المقلّد في شيء ؛ لأنّ العمل بها يحتاج إلى إعمال ملكة الاجتهاد ، وصرف القوة القدسية في استنباط مدلول الخبر ، والفحص عن معارضة الراجح عليه ، أو المساوي له ، ونحو ذلك ممّا يحتاج إليه العمل بالخبر الصحيح.
فهو نظير مسألة حجّية الخبر الواحد ، ومسألتي الاستصحاب والبراءة ، والاحتياط في أنّهما لا يرجع إليهما إلّا المجتهد ، ولا ينفعان المقلّد.
وظهر ممّا ذكرنا أنّ إطلاق الرخصة للمقلّدين في قاعدة التسامح غير جائز ، كيف؟ ودلالة الأخبار الضعيفة غير ضرورية ؛ فقد يظهر منها ما يوجب طرحها لمنافاته لدليل معتبر ، عقليّ أو نقليّ ، وقد يعارض الاستصحاب احتمال الحرمة الذي لا يتفطّن له المقلّد ، وقد يخطأ في فهم كيفية العمل ، إلى غير ذلك من أنواع الخلل ، نعم يمكن أن يرخّص له ذلك على وجه خاص يؤمن معه الخطأ ، كترخيص أدعية كتاب زاد المعاد ، مثلاً للعامي الذي لا يقطع باستحبابها ، وهو في الحقيقة إفتاء باستحبابها ، لا إفتاء بالتسامح» (١).
وأورد عليه المحقّق الاصفهاني (قدسسره) في تعليقته على الكفاية بما لفظه : «أنّ
__________________
(١) مجموعة رسائل : ١٨ ـ ٢٠ ، من منشورات مكتبة المفيد.