المسألة الأُصولية هي القاعدة التي تبتنى عليها معرفة الأحكام العملية الكلّية ، وهذا إنمّا يكون فيما لم تكن القاعدة نفسها متكفّلة للحكم العملي الكلّي ، بل فيما إذا كانت واسطة لاستنباط حكم عمليّ ، واستحباب ما دل الخبر الضعيف على استحبابه حكم عمليّ كلّي جامع ينطبق على موارد الأخبار الضعيفة المتكفّلة لاستحباب أعمال خاصة ؛ لا أنّ هذا الاستحباب الجامع واسطة في استنباط استحبابات خاصة ؛ ليكون ممّا تبتنى عليه تلك الاستحبابات المبحوث عنها في علم الفقه.
وليست المسألة الفقهية إلّا ما كانت نتيجتها حكماً عملياً ، سواء أكان حكماً عملياً كلياً تندرج تحته أحكام عملية خاصة أم لا .. [الى أن قال] : وأمّا ما ذكره (قدسسره) من الاختصاص بالمجتهد وأنّه لا حظّ منه للمقلّد ـ ولذا جعل مثل هذا الحكم حكماً أُصولياً في قبال الحكم الفرعي الفقهي ـ فمدفوع بأنّ التصديق العمليّ أو الإبقاء العمليّ ـ عمل المقلِّد بالخصوص أو عنوان عمل المجتهد والمقلِّد معاً ، لا عنوان عمل المجتهد فقط ، نظير الإنشاء والقضاء وما شابههما ممّا يختص بالمجتهد وانّما يختص بالمجتهد عنواناً من حيث نيابته عن المقلِّد العاجز عن الاستنباط أو التطبيق. فالمقلّد هو المكلّف به لبّاً وحقيقة ، والمجتهد هو المخاطب به عنواناً ؛ لتنزيله منزلة المقلّد بأدلّة جواز الإفتاء والاستفتاء. فنظر المجتهد واستنباطه وتطبيقه ويقينه وشكّه كلّها بمنزلة نظر المقلّد واستنباطه وتطبيقه ويقينه وشكّه» (١).
وقال المحقّق النائيني (قدسسره) ما حاصله :
«لا ريب في أنّ ظاهر الروايات [يعني أخبار من بلغ] في حدّ ذاتها وبمدلولها المطابقي وإن كان ثبوت الثواب فقط من دون تعرض فيها لإثبات الحجية أو الاستحباب إلّا أنّها بمدلولها السياقي ، بما انّها بصدد بيان جعل الداعي إلى
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٠ ، انتشارات مهدوي.