العمل ، نظير ما ورد من الثواب على أعمال أُخر ، مثل قولهم (عليهمالسلام) : من زار الحسين (عليهالسلام) فله كذا وكذا ، ينعقد لها ظهور ثانوي في إحدى الجهتين ، ويتقدّم الظّهور الثانوي على الظهور الأوّلي المطابقي لما بيّناه غير مرة من أن الظهور في القرينة يتقدّم على الظهور في ذي القرينة ، وعليه يدور الأمر بين إحدى الجهتين السابقتين ، والمستفاد من ظاهر عنوان المشهور لهذه المسألة بمسألة التسامح في أدلّة السنن ، وإن كان يعطي كون البحث عن جهة أُصولية وإن الخبر الوارد في باب المستحبات لا يشترط فيه ما يشترط فيما دل على الحكم الإلزامي.
إلّا أنّ التحقيق ان استفادة الجهة الأُصولية منها في غاية الإشكال ، بل لا يمكن أصلاً وذلك فانّ ظاهر الروايات هو ترتّب الثواب مع احتمال عدم المصادفة للواقع كما هو صريح قوله (عليهالسلام) : وان كان رسول الله لم يقله ، من أنّ الحجية لا بد وأن تكون متكفّلة لإلغاء احتمال الخلاف وإثبات الواقع بعد قيام الحجة عليه ، فكيف يجتمع مع فرض بقاء احتمال عدم المصادفة على حاله.
وبالجملة دليل حجية الأمارات لا بد وأن يكون ناظراً إلى الواقع ومثبتاً له بإلغاء احتمال خلافه ، والرواية صريحة في إثبات ترتّب الثواب مع عدم التعرض فيها لإلغاء هذا الاحتمال بل مقرّرة لبقائه وحينئذ فتكون الروايات أجنبية عن المسألة الأُصولية أيضاً وتكون متمحضة في الحكم بالاستحباب لأجل طرو عنوان ثانوي كما قيل بنظيره في مطلق الأمارات وانّها توجب حدوث عنوان في مؤدّياتها ، يوجب جعل الأحكام على طبقها. (١)
أقول : المستفاد من كلمات هؤلاء الأجلّة كلّهم ، أنّ البحث في هذه المسألة مركّز على مفاد أخبار من بلغ ، مع أنّك ستقف على تعدّد مدارك القائلين بالتسامح في أدلّة السنن ، من الأخبار والإجماع والعقل ، فينبغي أن نوسع البحث في المقام من هذه الناحية ، فنقول :
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ / ٢٠٨.