النكات السلبية الظريفة جدّا.
فما طرحه من الإشكال على القاموس في « العتب : الموجدة والملامة » إذا سلّم وردده على خصوص القاموس ، فإنه مرتفع في اصل اللغة ، وخصوصا بملاحظة ما ذكره السيّد المدني في مادة « عتب » حيث قال : « عتب عليه وعتبه : إذا وجد عليه » ، فنحن نرى « وجد » و « عتب » يتعديان بنفس الحرف « على » وهذه من دقة السيّد المصنف ، ومن ناحية أخرى ، فإنّه لا إشكال في شرح « العتب بالملامة » لأنّ « لام » كما يتعدّى بنفسه ، فإنّ « عتب » أيضا يتعدّى بنفسه كما نقله السيّد المصنّف.
وما طرحه في مادة « عوذ » ، نراه مرتفعا في الطراز. حيث قال السيّد المدني :
« عاذ به ... لجأ إليه واعتصم به ، كأعاذ به وتعوّذ واستعاذ به ». فذكر الفعل الثلاثي « عاذ » متعديا بالباء ، وشرحه بفعل آخر « لجأ » وذكر أنّه يتعدى بـ « إلى » فرفع التوهم ، ثمّ بالغ في رفع التوهّم فعادله بفعل يتعدى بنفس ما يتعدى به الفعل المشروح ، فقال « واعتصم به » ، فإنّ اعتصم يتعدّى بالباء تماما كما يتعدى « عاذ » بالباء.
وما طرحه في مادة « حسب » ، أيضا متلافى في الطراز الأول ، حيث قال السيّد المصنّف « واحتسبت بكذا : اكتفيت ». فكما أنّ الفعل « احتسب » يتعدّى بالباء ، فكذلك « اكتفى » يتعدى بالباء ، فلا لبس ولا إيهام.
وهذه نماذج عرضناها ممّا أشكل بها على القاموس ، واتضح من خلال مقارنتها بالطراز ، خلوّ الطراز من تلك الإشكالات ، وكيف أنّه سار ضمن منهج دقيق ، تخطى به الكثير من الإشكاليات التي ابتليت بها معاجم اللغة العربية.
وهكذا الحال في جميع الكتاب وأبوابه وفصوله ، تراه خاليا من الإيهام والتعقيد ، بل هو سلس سهل في تناول موادّه ، خصوصا فيما نحن فيه أعني الأفعال