* وفي مادة « هزأ » قال : « هزئ به ، ومنه ـ كسمع ـ وهزأ كنفع ، وتهزّأ واستهزأ ، هزءا بالفتح ، وهزوءا كجلوس ، ومهزأ ، ومهزأة : سخر منه وما زحه. والاسم الهمزء ـ بالضمّ وبضمّتين ـ والمهزؤة كمكرمة ».
وكتب في هامش نسخة « ش » شاهد الهزوء كجلوس قول حفص :
أعدت هزوءا به
وحقّ لها |
|
مما ذأت أن يطول
مهزؤها |
وكتب بعدها « منه ».
وهذا البيت في الواقع شاهد للهزوء مصدرا ، كما هو شاهد للمهزؤة اسم مصدر ، ولا يفوتنا أن ننبه هنا إلى أنّ السيّد المصنف كان قليلا ما يأتي بالشواهد الشعرية في متن كتابه ، فهو يذكر اللغات والاستعمالات اللغوية كافّة باعتبارها مسلّمات ثابتة ؛ لأنّ اللّغة دوّنت وكتبت ووضعت قواعدها كاملة منذ أمد بعيد ، وإنما كانوا يأتون بالشاهد كدليل على صحة ما ينقلونه من لغة عن العرب.
وأما اليوم فإنّنا نأخذ اللغة ـ كما صرح السيّد المصنف في مقدمته ـ من بطون الأسفار والكتب ، إذ قد انقضى زمان المشافهة والسماع ، ومع هذا القيد فلا داعي لذكر الشواهد التي هي أدلة صحة المنقولات ، ولذلك تلحظ قلة إن لم نقل ندرة نقل الشواهد الشعرية على هذه اللغة أو تلك في ( الطراز ) ، وهو إذا أعجبه زيادة الافهام نقل الشاهد في الهامش لا في المتن ، وإذا ما ذكر شعرا شاهدا في المتن فهو في كثير من الأحيان يلحظ فيه نكتة أو التفاتة أو معنى يتصيّده لم يلحظوه كما لحظه هو.
والمهم هنا هو ملاحظة منهج السيّد المصنف وميزته في الجمع والاستقراء والاستقصاء ، مع حسن العرض والنسق ، ففي المورد المذكور ذكر السيّد رحمهالله الأفعال في معنى سخر ، فذكر الفعلين « هزئ » و « هزأ » بكسر عين الفعل وفتحها ، ثمّ ذكر تفعّل واستفعل أيضا بمعنى فعل ، فجمع لغات الأفعال المستعملة ، شافعا ذلك