والثلاثي هو ما يتألف من ثلاثة حروف أصلية ك ( ض ، ر ، ب ) ، والثنائي هو ما يتألف من حرفين أصلين ك ( ق ، د )
وقد سعى البعض في إرجاع الثلاثي إلى الثنائي ، وذلك بعد البحث عن الصلة المعنوية بينهما ، وكان الخليل ( ت ١٧٥ ه ) وسيبويه ( ت ١٨٠ ه ) وأبو علي الفارسي ( ت ٣٧٧ ه ) وابن جني ( ت ٣٩٢ ه ) من الأوائل الذين طرحوا هذه النظرية ، وكان الأخير أدقّهم وأجرأهم لتوثيق ما ذهب إليه ، إذ بسط القول في ذكر الأمثلة وما شاهده من صلات بين الالفاظ المشتركة في حرفين ، أو في حرف واحد مع التشابه في الحروف الأخرى.
وقد اعتبر هؤلاء الحرف الثالث منوّعا للمعنى العام الذي تدلّ عليه الأصول الثنائية ، ومثال ذلك : قط ، قطع ، قطف ، قطل ، قطم ...
فالأصل في هذه الكلمات على رأي القائلين بالثنائية هما الحرفان الأوّلان منها ، وهما « قط » ، وأمّا الحرف الثالث فيها ( ع ، ف ، ل ، م ) فهي منوعة لمعنى القطع ، ومخصّصة له ، وكذلك ( غمز ، غمس ، غمر ، غمق ، غم ، غما ، غمى ) فالأصل فيها ( غم ) ويفيد التغطيه والإخفاء ، والحرف الثالث مخصّص تفيد الكلمة بإضافته معنى خاصا من معاني التغطية.
ويمكن القول بمثل هذا في المواد أو المجموعات الّتي تشترك في النون والفاء ( نف ) ، والنون والباء ( نب ) ، أو القاف والصاد ( قص ) ، أو الفاء والراء ( فر ) وأمثالها.
هذا ، وإنّ غالب الذين ذهبوا إلى ثنائية الكلمة يعتقدون أنّ الكلمة وضعت في أوّل أمرها على هجاء واحد ، متحرّك فساكن ، محاكاة لأصوات الطبيعة ، ثمّ فثّمت ـ أي زيد فيها حرف أو أكثر في الصدر ، أو القلب ، أو الطرف ـ فتصرّف المتكلّمون بها تصرّفا يختلف باختلاف البلاد ، والقبائل ، والبيئات ، والأهوية.