أطاعاه ... ثم ذكر القصة وقال : قلت : وينزه آدم وحواء عن طاعتهما لإبليس ، ولم أقف بعد على صحة ما روي من هذه القصص ، ولو صحّ لوجب تأويله ... قال : وعلى كل حال : الواجب التوقّف والتّنزيه لمن اجتباه الله ، وحسن التأويل ما أمكن ، وقد قال ابن العربي في توهين هذا القول وتزييفه : وهذا القول ونحوه مذكور في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره ، وفي الإسرائيليات التي ليس لها ثبات ، ولا يعول عليها من له قلب ... إلخ».
ومنه أيضا عند تفسير قوله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) [النمل : ٢٠].
يقول : وأكثر بعض الناس في قصصها بما رأيت اختصاره ؛ لعدم صحته.
ونراه ينتقد ما يروى من آثار إذا خالفت الشّرع ، أو ما لا يليق أن ينسب إلى الوحي.
فمثلا عند تفسير قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) [الحج : ٥٢] ـ يذكر حديث الغرانيق ، ثم يحكي عن أئمة المالكية مثل القاضي عياض ، وأبي بكر بن العلاء إنكارهم لهذه الرواية ، وأمثالها ، ثم قال : قال أبو بكر البزار : هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم بإسناد متصل يجوز ذكره ...» وقد أجمعت الأمة على عصمته صلىاللهعليهوسلم ، ونزاهته عن مثل هذا.
ومنه أيضا ما ذكره في قصّة بني إسرائيل لما سألوا عيسى ابن مريم مائدة من السماء [المائدة : ١١٣ ـ ١١٥] ، ثم قال : وأكثر الناس في قصص المائدة مما رأيت اختصاره ؛ لعدم سنده.
وعلى أية حال ، فإن الملاحظ على الثعالبي ـ رحمهالله ـ ندرة إيراده للإسرائيليات جدا ، فإن أورد بعض ذلك نبّه عليه ؛ كما تقدم.