أحد علماء التّابعين ، والأئمّة العاملين ، روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين ، منهم : سعيد بن المسيّب ، وأبو العالية ، وزرارة بن أوفى ، وعطاء ، ومجاهد ، وابن سيرين ، ومسروق ، وأبو مجلز ، وغيرهم (١).
وحدّث عنه جماعات من الكبار ؛ كالأعمش ، وشعبة ، والأوزاعيّ ، وغيرهم.
وكان قويّ الحافظة ، واسع الاطّلاع في الشّعر العربيّ ، بصيرا بأيّام العرب.
كان قتادة على مبلغ عظيم من العلم ، فضلا عما اشتهر به من معرفته لتفسير كتاب الله تعالى ، وقد شهد له بذلك كبار التّابعين والعلماء.
قال فيه سعيد بن المسيّب : «ما أتاني عراقيّ أحسن من قتادة».
وقد استخدم قتادة معرفته باللّغة العربية في التفسير ، وأعمل فكره في تفهّم الآيات ، بجانب روايته عن السّلف.
وقد توفّي ـ رضي الله عنه ـ سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة ، عن ستّ وخمسين سنة ؛ على المشهور ، وقيل : سنة خمس عشرة ومائة (٢).
وبعد :
فهذه هي مدارس التفسير المشهورة في عصر التابعين ، الذين تلقّوا غالب أقوالهم في التفسير عن الصحابة ، وبعضهم استعان بأهل الكتاب ، ثم اجتهدوا مستعينين على ذلك بما بلغوا من العلم ودقّة الفهم ، وقرب عهدهم من الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والعرب الخلّص ، فلم تفسد سليقتهم.
وهناك مدارس أخرى غير هذه المدارس الثّلاث ، ولكنّها لم ترق لشهرة هذه الثلاث ، ومن هذه : مدرسة مصر التي اشتهر من شيوخها :
يزيد بن حبيب الأزديّ ، وأبو الخير مرثد بن عبد الله ، وغيرهما.
ومدرسة اليمن التي أرسى دعائمها طاوس بن كيسان ، وكان من أشهر شيوخها : وهب بن منبّه الصّنعانيّ.
__________________
(١) «وفيات الأعيان» ٢ / ١٧٩ ، «البداية والنهاية» ٩ / ٣٢٦ ، «تهذيب التهذيب» ٨ / ٣٥١.
(٢) راجع : «تهذيب التهذيب» ٨ / ٣٥١ ـ ٣٥٦ ، «البداية والنهاية» ٩ / ٣٢٥ ، ٣٢٦.