متعلّق الحكم وتوجّه إليه الخطاب ، فيكون سابقا على الخطاب سبق الموضوع على الحكم ، كما أنّ الأوّل يكون لا حقا للخطاب لحوق العلم للواقع المعلوم.
وربما يجتمعان في قطع واحد فيكون قطع واحد طريقا وموضوعا ـ طريقا بالنظر إلى حكم ، وموضوعا بالإضافة إلى آخر ـ كما إذا فرضنا أنّه يجب التصدّق لمن قطع بوجوب صلاة الجمعة ، فكان القطع طريقا محضا لوجوب صلاة الجمعة ، وموضوعا لوجوب الصدقة. وهذا القطع يغاير القطع الطريقي في الأحكام المتقدّمة. يعني تطلق عليه الحجّة ، ويقع وسطا لإثبات ما تعلّق به من الأحكام كما في كلّ موضوع بالنسبة إلى حكمه ، وأيضا ليس منجّزا ولا معذّرا بل المنجّز والمعذّر قطع آخر تعلّق بأنّ هذا القطع له حكم كذا.
وبالجملة : حكم هذا القطع حكم سائر موضوعات الأحكام. ومن هذا يظهر أنّ كلّ قطع طريقي فهو موضوع للأحكام العقليّة الثلاثة المتقدّمة ، فكلّ قطع هو حجّة بالنسبة إلى الأحكام العقليّة الثلاثة. وإنّما ليس بحجّة بالنسبة إلى الأحكام الأخر التي تعلّق القطع بها لا بالنسبة إلى هذه الأحكام التي تعلّقت بالقطع.
ثمّ إنّهم قسّموا القطع الموضوعي إلى أقسام أربعة ، فإنّه إمّا تمام الموضوع أو جزؤه ـ على أن يكون الجزء الآخر هو الواقع الذي تعلّق به القطع ـ أو شيء آخر أجنبي ، وعلى كلّ منهما إمّا مأخوذ في الموضوع بما هو كاشف عن متعلّقه أو بما هو صفة للقاطع أو للمقطوع به.
ولكنّ الحقّ بطلان التقسيم من الجهة الثانية ، فينحصر القطع الموضوعي في اثنين. بيانه : أنّ القطع وإن كان من صفات النفس ـ وهو في هذه الجهة يشارك سائر صفات النفس من الشجاعة والسماحة مقابل صفات المادّة ـ وهذه الجهة جهة قابلة للحكم عليها ، لكن إن تعلّق الحكم بهذه الجهة عمّ ذلك الحكم سائر صفات النفس ، وهم لا يقولون به ، وخلاف المفروض من تعلّق الحكم بالقطع. وإن اختصّ الحكم بالقطع كان ذلك الحكم حكما على جهة كشفه وواردا على فصله المميّز له من بين سائر الصفات الذي ليس ذلك إلّا جهة كشفه عن الواقع ؛ إذ ليست له جهة مميّزة إلّا هذه.
فإن تعلّق الحكم بالجهة المميّزة كان ذلك حكما على القطع بما هو كاشف ، وإن تعلّق الحكم بالجهة المشتركة لم يكن ذلك حكما على القطع بل حكما على كلّ جهة كشفه وواردا على فصله المميّز له من بين سائر الصفات الذي ليس ذلك إلّا جهة كشفه عن الواقع ؛ إذ