ليست له جهة مميّزة إلّا هذه فإنّ تعلّق الحكم بالجهة المميّزة كان ذلك حكما على القطع بما هو كاشف ، وإن تعلّق الحكم بالجهة المشتركة لم يكن ذلك حكما على القطع بل حكما على كلّ صفة هو للنفس ومن ذلك القطع.
نعم ، لا بأس بالحكم عليه تارة بما هو كاشف بإلغاء وجهة كونه صفة للنفس ، وأخرى بما هو صفة خاصّة كاشفة عن الواقع. فيكون الدخيل في الموضوع في الأوّل محض جهة الكشف ، وفي الثاني جهة الصفتيّة منضمّة إلى جهة الكشف. فتكون الأقسام أربعة أيضا لكن بالنحو الذي قلناه ، لا بالنحو الذي قالوه.
وربما يتوهّم أنّ القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الكاشفيّة لا يعقل أن يكون على وجه تمام الموضوع (١) ، وهو توهّم ناشئ من حسبان أنّ المراد من الكاشفيّة هنا هي الكاشفيّة الحقيقيّة الموجودة في العلم ، مع أنّ المراد منها الكاشفيّة الزعميّة الموجودة في نظر القاطع ؛ فإنّ القطع هو الاعتقاد الجازم ، والعلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع.
نعم ، أخذ العلم في الموضوع على وجه تمام الموضوع غير معقول.
فتحصّل أنّ أقسام القطع خمسة ، واحد طريقي وأربعة موضوعي ، وهذه الأقسام جارية في الظنّ أيضا.
فظنّ طريقي محض يجري عليه كلّ ما تقدّم من الكلام في القطع الطريقي طابق النعل بالنعل ، وهذا هو الظنّ المعتبر على وجه الحكومة بمقدّمات دليل الانسداد ـ إن قلنا بها ـ وأخر موضوعي كأقسام القطع الموضوعي المتقدّم ، فتارة على وجه تمام الموضوع ، وأخرى على وجه جزء الموضوع ، وعلى كلّ منهما تارة يكون الحكم على جهة كشفه فقط ، وأخرى على جهة كشفه منضمّا إلى جهة صفتيّة.
هذا ، ولكنّ الحقّ بطلان قسم جزء الموضوع في الظنّ ، بل الظنّ إن كان موضوعيّا فهو تمام الموضوع. توضيحه : أنّ الجزء الآخر ـ وهو الواقع المظنون ـ إن أحرز بالقطع ذهب الجزء الأوّل ـ وهو الظنّ ـ فلا يرتّب الحكم من جهته ، وإن لم يحرز فلا يرتّب من جهة عدم إحراز الواقع المظنون.
__________________
(١) فوائد الأصول ٣ : ١١.