عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام مثله (١).
ودلالة هذه الصحيحة بفقرتيها على اعتبار الاستصحاب واضحة ، إنّما الإشكال في عمومها لغير موردها ؛ فإنّ الجملة الثانية من كلّ من الفقرتين وهو قوله عليهالسلام : «فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشكّ» لا يتجاوز مؤدّاها عن مورد اليقين بالطهارة لمكان الفاء التفريعيّة ، مضافا إلى احتمال العهد في اللام.
والتعليل لا يقتضي العموم في أوسع من مورد العلّة التي هي اليقين بالطهارة لا مطلق اليقين ، إلّا أن يقطع بعدم مدخليّة خصوصيّة المتعلّق ، وأنّ تمام الموضوع لحرمة النقض هو نفس صفة اليقين ، كما يشهد له تطبيق القاعدة في سائر الأخبار بغير هذا المورد.
ثمّ إنّ في الصحيحة مواقع للإشكال :
الأوّل : التهافت بين فقرتيها ؛ فإنّ ظاهر قوله في مورد الفقرة الأولى : «فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئا ثمّ صلّيت فرأيت فيه» هو رؤية نفس ما خفي عليه أوّلا ، وفي مثل هذا بعينه حكم في الفقرة الثانية بنقض الصلاة والإعادة.
الثاني : أنّ ظاهر الحديث أنّ الإعادة نقض لليقين مع أنّها ليس نقضا لليقين ؛ فإنّ المراد من نقض اليقين في خطاب «لا تنقض» هو رفع اليد عن المتيقّن ، وعدم الأخذ بلوازمه الشرعيّة في ظرف الشكّ ، وعدم الإعادة ليس أثرا شرعيّا للصلاة مع اليقين بالطهارة كي تكون الإعادة نقضا له. نعم ، هو ملازم له ، والفرض أنّ الملازمات لا تنشأ بخطاب «لا تنقض».
الثالث : أنّ الإعادة ليست نقضا لليقين بالشكّ ـ إن سلّمنا أنّها نقض لليقين ـ وإنّما هي نقض لليقين بيقين مثله ، وهو اليقين بوقوع الصلاة في النجس ، وظاهر الصحيحة أنّها نقض لليقين بالشكّ ، فينفيها خطاب «لا تنقض اليقين بالشكّ».
والجواب عن الأوّل : أنّه لا محيص في مقام رفع التهافت من رفع اليد عن ظاهر الفقرة الأولى بحملها على أن يكون المرئي محتملا لغير النجس الأوّل ، وأنّه أصاب جديدا ؛ إذ الفقرة الثانية نصّ في الإعادة فيما إذا رأى ما أصاب أوّلا ، فيحمل الظاهر على النصّ. وبهذا يندفع الإشكال الثالث أيضا.
__________________
(١) علل الشرائع : ٢ : ٥٩ ، ب ٨٠ ، ح ١.