والجواب عن الثاني : منع ظهور الرواية في كون الإعادة نقضا ، وإنّما مفادها أنّ خطاب «لا تنقض» مانع من الإعادة ، فلعلّ ذلك من جهة كونه لازم هذا الخطاب المتوجّه حال الشكّ لا أنّه مورده ومحلّه فعلا.
ولعلّ هذا هو مراد من أجاب في المقام من ابتناء التعليل على مقدّمة مطويّة هي اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء ، فتكون الرواية بدلالة الاقتضاء كاشفة عن حقّيّة تلك القاعدة ، وإلّا فهو بظاهره أجنبي عن الشبهة ، أعني كون الإعادة نقضا ، وإنّما يوجّه التعليل ويصحّحه ولم تكن الشبهة في صحّته.
ومن هنا يظهر جواب ثان عن الإشكال الثالث.
ثمّ لو سلّمنا ظهور الرواية في كون الإعادة نقضا وخطاب «لا تنقض» متوجّها إليه التزمنا بكون هذا الخطاب مسوقا لجعل الملازم ، وإنّما لم نلتزم بذلك في سائر الموارد لعدم الإطلاق ، وفي المقام الخطاب نصّ في ذلك بعد عدم الأثر لمورده.
روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهالسلام قال : قلت له : من لم يدر في أربع هو أم ثنتين ، وقد أحرز الثنتين؟ قال : «يركع بركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ولا شيء عليه ، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ، ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما الآخر ، ولكنّه ينقض الشكّ باليقين ، ويتمّ على اليقين ، فيبني عليه ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات» (١).
والكلام في هذه الصحيحة يقع في مواقع :
الأوّل : في أنّ المراد منه هل هو الاستصحاب أو قاعدة أخرى؟
الثاني : في أنّه على تقدير كون مدلولها الاستصحاب هل هناك ما يمنع من الأخذ بها أولا؟
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥١ / ٣ ؛ التهذيب ٢ : ١٨٦ / ٧٤٠ ؛ الاستبصار ١ : ٣٧٣ / ١٤١٦ ؛ وسائل الشيعة ٨ : ٢١٧ و ٢٢٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٠ و ١١ ، ح ٣.