الثالث : في أنّه على تقدير طيّ المقامين الأوّلين ، هل المستفاد منها اعتبار الاستصحاب عموما أو يختصّ بمورده؟
أمّا الكلام في الموقع الأوّل فبيان إرادة الاستصحاب منه هو أن يراد من اليقين والشكّ فيها اليقين بالدخول في الركعة الثالثة ، والشكّ في الخروج منها ، فالمراد من عدم نقض اليقين بالشكّ هو استصحاب الكون في الركعة الثالثة وعدم الانتقال منها إلى الركعة الرابعة. ومن المعلوم أنّ حكم الكون في الثالثة الإتيان بركعة أخرى.
فلا يشكل على هذا البيان بما أشكل على إرادة اليقين بعدم الرابعة بأنّ الإتيان بالرابعة ليس أثر عدم الإتيان بها ، بل أثر كون ما في يده ثالثة ، وهذا لا يثبت باستصحاب عدم الإتيان بالرابعة ؛ فإنّ من لم يصلّ أصلا أو صلّى وقطع صلاته قبل الإتيان بالرابعة صادق أنّه لم يأت بالرابعة مع أنّ تكليفه الإتيان بالصلاة من رأس دون الإتيان بركعة. فإنّا نقول : إنّ الإتيان بالرابعة وظيفة من كان في الثالثة وأتمّها ولم يأت بقاطع من قواطع الصلاة ، وهذا بعينه مجرى الاستصحاب.
هذا ، ولكنّ مع ذلك ظاهر الصحيحة قاعدة أخرى غير قاعدة الاستصحاب ، أعني قاعدة الأخذ بالمتيقّن وترك المشكوك.
توضيح ذلك : أنّ حقيقة نقض اليقين بالشكّ هو رفع اليد عنه لأجل الشكّ ، ورفع اليد عنه عبارة عن عدم الأخذ بالمتيقّن وإبطاله لا عدم الحكم باستمراره. وإنّما حملنا النقض في الصحيحتين الأوليين على عدم الاستمرار على اليقين السابق في ظرف الشكّ لضرورة ألجأتنا ، وهي مورداهما غير المنطبق عليهما سوى الاستصحاب ، وأمّا في المقام فليست تلك الضرورة موجودة فيؤخذ بظاهر كلمة «النقض» في رفض ما كان على يقين منه بإفساده وإبطاله من جهة ما طرأ من الشكّ المؤكّد هذا الظاهر بما يقتضيه موردها ؛ فإنّ اليقين والشكّ فيها يراد منهما اليقين والشكّ المصرّح بهما في موضوع القضيّة بقوله عليهالسلام : «وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث».
والفقرات السبع المذكورة فيها الملفّقة من قضايا أربع سلبيّة وثلاث إيجابيّة كلّها منطبقة على ما حكم به عليهالسلام في الصدر بقوله : «قام فأضاف إليها ركعة» بحيث لو لم يقم انطبق نقيض تلك القضايا ، أعني سالبة الموجبات وموجبة السوالب.