فصغرى عدم نقض اليقين بالشكّ هو عدم رفع اليد عن الثلاثة المتيقّنة بإبطالها وتركها لأجل مجرّد الشكّ في الرابعة كما هو شأن العوامّ غير العارفين بالشكوك ، فيبطلون ما في أيديهم ، ويعيدون الصلاة من رأس ، وهذا الصنع هو معنى إدخال الشكّ في اليقين يعني معاملة المشكوك مع المتيقّن في تركه وإبطاله ، وهو معنى خلط الشكّ باليقين. وفي مقابل هذا الأخذ باليقين ـ أعني الثلاثة ـ وعدم رفع اليد عنه بإبطال العمل ، بل رفض الشكّ ونقضه يعني معاملة عدم الوجود مع مشكوك الوجود ـ وهي الركعة الرابعة ـ وفرضها غير واقع ، وهذا معنى يتمّ على اليقين ، يعني يبقى على يقينه أخذا متمسّكا به ، وهو معنى ترك الاعتناء بالشكّ.
والحاصل : مفاد «لا تنقض اليقين» لو لا قرينة تصرفه هو ما ذكرنا من الأخذ والتمسّك بالمتيقّن وترك المشكوك بالبناء على عدمه سواء كان اليقين والشكّ في الكمّ المنفصل كما في مورد الصحيحة بكون العدد الأقلّ متيقّنا والزائد عليه مشكوكا ، أو في الواحد المتّصل بكونه مبدأ متيقّنا واستمراره مشكوكا أو بالعكس ، فتكون القاعدة المستفادة من ظاهر هذه القضيّة خلاف قاعدة الاستصحاب ، أعني الاقتصار على المتيقّن من عدالة زيد ، وهو عدالة يوم الجمعة ، والبناء على عدم عدالته في ظرف الشكّ ، وهو عدالته فيما بعد يوم الجمعة ، فهذه الصحيحة تعارض أخبار الاستصحاب.
إلّا أن يقال : إنّ أخبار الاستصحاب حسب ما بيّنّا سابقا ألحقت القطعة المشكوكة بدلالة الاقتضاء بالقطعة المتيقّنة ، فدلّت على أنّ الاستمرار على المتيقّن هو حكم اليقين السابق ، فكان البقاء على اليقين أخذا باليقين لا بالشكّ ، فتكون تلك الأخبار شارحة مبيّنة للأخذ باليقين ، وأنّه يعمّ الجري على الحالة السابقة عند الشكّ في الاستمرار.
فتحصّل أنّ المصداق الحقيقي للأخذ باليقين ورفض الشكّ هو الأخذ بالقدر المتيقّن وترك ما سوى ذلك ، وفرضه كأن لم يقع على ما هو خلاف مقتضى الاستصحاب.
وأمّا الاستصحاب فهو المصداق المسامحي له ، ومهما لم تقم قرينة على المصداق المسامحي حمل اللفظ على المصداق الحقيقي ، ومن مصداقه الحقيقي البناء في شكوك الصلاة على الأقلّ ، وفرض الركعة المشكوكة كأن لم تتحقّق.
وأمّا الكلام في الموقع الثاني ، فقد يتوهّم أنّ الصحيحة مخالفة لما عليه المذهب من البناء