«لا تفعل» كما هو ظاهر المحقّق الأستاذ (١).
وأيضا ليس المراد من الجعل هو الجعل الإنشائي كعنوان النداء الحاصل بقول : «يا» ، والاستفهام الحاصل بقول : «هل» ، والتمليك الإنشائي الحاصل بقول : «بعت» إن حصل ملك واقعي ـ كما إذا كان الإنشاء من أهله في محلّه ـ أو لم يحصل كما في غير ذلك ؛ فإنّ البحث عن المجعوليّة بهذا الجعل بلا فائدة.
بل زعم الأستاذ العلّامة أنّ كلّ شيء قابل للإخبار عنه فهو قابل للجعل بهذا الجعل (٢) وإن كان ذلك غريبا ؛ فإنّ مثل قيام زيد كيف يمكن أن ينشأ؟! وأيّ معنى لإنشائه؟!
فالمتعيّن أن يكون المراد من الجعل والمجعوليّة المبحوث عنه في المقام هو ما كان وجوده الواقعي الحقيقي حاصلا بإنشائه ، كالملكيّة الحاصلة بإنشاء التمليك ، والزوجيّة الحاصلة بإنشاء التزويج ، وهكذا.
فيبحث بعد الفراغ عن أنّ الأحكام التكليفية متولّدة من الإنشاء وحاصلة بالإنشاء في أنّ الأحكام الوضعيّة أيضا هل تكون حقائقها حاصلة بإنشاء أنفسها بلا واسطة ، أو لا تتحصّل إلّا بإنشاء الأحكام التكليفيّة ، فيكون المتحصّل ابتداء بسبب الإنشاء هو التكليف ، ثمّ بتبعه يتحصّل الوضع ، وهو معنى كون الأحكام الوضعيّة منتزعة ومعنى كونها مجعولة بالتّبع؟
ولكنّ الحقّ عندي عدم كون الأحكام التكليفيّة مجعولة حاصلة عناوينها بسبب الإنشاء فضلا عن الأحكام الوضعيّة ، بل هي عبارة عن الإرادات التكوينيّة الحاصلة في النفس ، وإنشاؤها سبب لوجودها الإنشائي المطابق لوجودها الحقيقي تارة واللامطابق أخرى ؛ فإنّ التكليف الذي هو موضوع [حكم] العقل بالإطاعة وحرمة المعصية هو تلك الإرادة النفسانيّة الداعية إلى الإنشاء دون الوجود الإنشائي الحاصل بسبب الإنشاء.
وأمّا الأحكام الوضعيّة فهي أيضا أجنبيّة عن مقام الإنشاء للتكليف فضلا عن الوضع ، وإنّما هي منتزعة عن واقع مقام التكليف أعني تلك الإرادة القائمة بالنفس
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠١ و ٤٠٣.
(٢) كفاية الأصول : ١٢.