أنشئ على طبقها أو لم ينشأ.
فلا الأحكام التكليفيّة مجعولة حاصلة عناوينها بالإنشاء ـ كحصول عنوان النداء والاستفهام به ـ ولا الأحكام الوضعيّة ، لا بلا واسطة ولا مع الواسطة.
الأمر الثاني : في معنى الانتزاع.
اعلم أنّ الانتزاع هو اختراع النفس لما لا مطابق له في الخارج ، وذلك إمّا أن يكون عن ملاحظة منشأ ثابت في الخارج كالفوقيّة والتحتيّة والأبوّة والبنوّة أو لا كذلك. ومحلّ البحث في المقام هو الأوّل ، فيبحث بعد الفراغ عن تولّد الأحكام الوضعيّة من الجعل وتحصّلها بسبب الإنشاء في الجملة في أنّ تحصّله هل يكون بإنشاء أنفسها أو يكون بإنشاء التكليف فيتحصّل ابتداء من إنشاء التكليف ، ثمّ بلحاظ التكليف على نحو مخصوص ينتزع الوضع.
وقد عرفت أنّ الحقّ بطلان الأمرين جميعا ، وأنّ الوضع غير مجعول لا ابتداء ولا بالتبع ، بل منتزع من منشأ واقعي غير مجعول ، وهو الإرادة القائمة بالنفس على نحو مخصوص من حيث الشرط والمتعلّق.
فينتزع من الإرادة المتعلّقة بالحجّ على تقدير الاستطاعة شرطيّة الاستطاعة ، ومن الإرادة المتعلّقة بمجموع أمور ملحوظة على صفة الاجتماع والارتباط جزئيّة بعض تلك الأمور وشرطيّة بعضها الآخر ومانعيّة بعض ثالث حسب اختلاف كيفيّة اعتبار تلك الأمور ، وحسب اختلاف تلك الأمور في كونها وجوديّة وعدميّة.
الأمر الثالث : الحكم الذي يصلح إطلاقه على الأحكام الوضعيّة ليس هو الحكم بمعنى الطلب ، وهو واضح. ولا الحكم بمعنى التصديق ، وإلّا كان كلّ حكم تصديقي كقيام زيد وركوب عمرو حكما وضعيّا. فتعيّن أن يكون بمعنى خطاب الشرع المتعلّق بأفعال المكلّفين.
لكن يتّجه عليه أنّ مثل سببيّة الاستطاعة لوجوب الحجّ وسببيّة الدلوك لوجوب الصلاة أيّ تعلّق له بفعل المكلّف مع أنّه يطلق عليها الحكم الوضعي.
وعليه فلا نعلم لمحلّ إطلاق هذا اللفظ ضابطا لكي نعرف به الحكم الوضعي عن غيره. والدوران مدار إطلاق الحكم في كلماتهم تقليد محض ، سيّما مع أنّ الإطلاق أعمّ من الحقيقة.