وينبغي التنبيه على أمور :
[الأمر] الأوّل : لا ريب في قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى العمل في مادّة البيانات. فالبيانات المتأخّرة عن وقت الحاجة في الأخبار من تخصيص وتقييد وقرينة مجاز ـ حتّى أنّه ربما يكون العامّ صادرا من الأمير عليهالسلام والخاصّ من العسكري عليهالسلام إن سلّمنا أنّه لم يبيّن قبل زمان العسكري عليهالسلام ببيان لم يصل إلينا ، وسلّمنا وصول وقت الحاجة للسابقين على زمان البيان بالنسبة إلى مادّة البيان ـ محكومة بأنّها بيانات بالنسبة إلى ما هو المطلوب من اللاحقين عن زمان العسكري عليهالسلام دون السابقين على زمانه ، وأنّ المطلوب من السابقين هو العموم تكليفا واقعيّا وإن ضايقت فتكليفا ظاهريّا.
وعلى ذلك فالخاصّ الصادر بعد حضور وقت العمل بالعامّ يمكن فيه الالتزام بالتخصيص والنسخ ، كما ذلك في عكس ذلك بجعل الخاصّ المتقدّم مخصّصا ، أو العامّ المتأخّر ناسخا. ومجرّد قلّة النسخ خارجا لا يوجب قوّة ظهور الدليل في الاستمرار على ظهوره في استيعاب الأفراد.
ثمّ لا فرق فيما ذكرناه بين العموم وبين الإطلاق المنعقد ظهوره بمقدّمات الحكمة فضلا عمّا قلنا بأنّ ظهوره أيضا مستند إلى الوضع ؛ فإنّه مع عدم البيان في مقام البيان ينعقد للإطلاق ظهور فكان مصادمه مصادما للظهور ، ويأتي فيه البيان الآتي في العامّ بالنسبة إلى الخاصّ.
[الأمر] الثاني : إذا زادت أطراف المعارضة عن اثنين بأن كانت ثلاثة أو أزيد ، فتارة يتكلّم في الجمع الدلالي بينها ، وأخرى في العلاج السندي. فهنا مقامان :
وقبل الدخول فيهما ينبغي تقديم أمر ، وهو أنّ التعارض المفروض بين الثلاثة تارة يكون بين اثنين مع واحد بحيث لا يكون بين الاثنين منهما معارضة كما في مثل : «أكرم العلماء» مع مثل : «لا تكرم النحويّين» و «لا تكرم الحكميّين» ، وكما في مثل : «أكرم العلماء» و «لا تكرم فسّاقهم» و «أكرم سادات فسّاقهم». وكما في مثل : «أكرم العلماء» و «لا تكرم الفسّاق» و «أكرم فسّاق العوام».
وأخرى يكون بين كلّ واحد وصاحبه كما في مثل : «أكرم العلماء» و «لا تكرم الشعراء» و «يستحبّ إكرام السادات».