شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم ، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم ، حتى أحل الله بهم البأس الشديد. وهو الولي الحميد.
ا قال تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي دلالة وحجة واضحة ، وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني ، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم ينقل إلينا تفصيلها (١) ، وإن كان هذا اللفظ دل عليها إجمالا.
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها.)
أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم ، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ) ـ أي طريق (ـ تُوعِدُونَ) أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل.
قال السدي في تفسيره عن الصحابة : (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة.
وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كانوا قوما طغى ة بغاة يجلسون على الطريق ، يبخسون الناس ، يعني يعشرونهم وكانوا أول من سن ذلك.
(وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) نهاهم (٢) عن قطع الطريق الحسية الدنيوية ، المعنوية الدينية.
(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ، وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة ، وحذرهم نقمة الله بهم إن (٣) خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه. كما قال لهم في القصة الأخرى : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) أي لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه (٤) فيمحق الله بركة ما في أيديكم (٥) ؛ ويفقركم ويذهب ما به يغنيكم.
وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة ، ومن جمع له هذا وهذا ، فقد باء بالصفقة الخاسرة!
__________________
(١) م : لم تنقل الينا تفصيلا.
(٢) و : فنهاهم.
(٣) و : وإن.
(٤) و : به ت.
(٥) و : ما بأيديكم.