(فَنادى فِي الظُّلُماتِ) قال ابن مسعود وابن عباس وعمرو بن ميمون وسعيد بن جبير ومحمد ابن كعب والحسن وقتادة والضحاك ؛ ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل.
وقال سالم أبي الجعد : ابتلع الحوت حوت آخر فصارت ظلمة الحوتين مع ظلمة البحر.
وقوله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) قيل معناه فلولا أنه سبح الله هنالك ، وقال ما قال من التهليل والتسبيح ، والاعتراف لله بالخضوع ، والتوبة اليه والرجوع إليه للبث هناك إلى يوم القيامة ، ولبعث من جوف ذلك الحوت. هذا معنى ما روى عن سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه.
وقيل معناه : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ) من قبل أخذ الحوت له (مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) أي المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيرا قاله الضحاك بن قيس وابن عباس وأبو العالية ووهب بن منبه وسعيد ابن جبير والضحاك والسدي وعطاء بن السائب والحسن البصري وقتادة وغير واحد ، واختاره ابن جرير.
ويشهد بهذا ما رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «يا غلام إني معلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف الى الله في الرخاء يتعرف إليك في الشدة.
وروى ابن جرير في تفسيره ، والبزار في مسنده من حديث محمد بن إسحق ، عمن حدثه ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت : أن خذه ولا تخدش فيه لحما ولا تكسر له عظما. فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا ، فقال في نفسه ما هذا؟
فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر. قال فسبح وهو في بطن الحوت ، فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة! قال : ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. قالوا : العبد الصالح ؛ الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال : نعم قال فشفعوا له عند ذلك ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل» كما قال الله : (وَهُوَ سَقِيمٌ).
هذا لفظ ابن جرير إسنادا ومتنا. ثم قال البزار لا نعلمه يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. كذا قال.
وقد قال ابن أبي حاتم في تفسيره : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب ، حدثنا عمي حدثني أبو صخر ، أن يزيد الرقاشي قال : سمعت أنس بن مالك ، ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «إن يونس النبي عليهالسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من