قال عمر وابن عباس وشريح القاضي وأبو مالك وقتادة ومحمد بن إسحق وغير واحد : لما قالت ذلك ، قال لها أبوها : وما علمك بهذا؟ فقالت إنه رفع صخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة ، وأنه لما جئت معه تقدمت أمامه ، فقال : كوني من ورائي ، فإذا اختلف الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق.
قال ابن مسعود : أفرس الناس ثلاثة : صاحب يوسف حين قال لأمرأته : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) ، وصاحبة موسى حين قالت : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
(قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
استدل بهذه الآية جماعة من أصحاب أبي حنيفة رحمهالله ، على صحة ما إذا باعه أحد هذين العبدين أو الثوبين ونحو ذلك ، أنه يصح ؛ لقوله : (إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ)
وفي هذا نظر ؛ لأن هذه مراوضة لا معاقدة. والله أعلم.
واستدل أصحاب أحمد على صحة الاستئجار (١) بالطعمة والكسوة ، كما جرت به العادة.
واستأنسوا بالحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه مترجما [علية](٢) في كتابه : «باب استئجار الأجير على طعام بطنه» حدثنا محمد بن المصفي الحمصي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن مسلمة بن علي ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، قال : سمعت عتبة (٣) بن النذر يقول : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ طسم ، حتى إذا بلغ قصة موسى قال : «إن موسى عليهالسلام آجر نفسه ثماني سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه» (٤).
وهذا الحديث من هذا الوجه لا يصح ، لأن مسلمة بن علي الخشني الدمشقي البلاطي
__________________
(١) و : الايجار.
(٢) من و.
(٣) و : عقبة وهي محرفة وقد أثبتها في الحديث في ابن ماجة (١٦ / ٥ / ٢٤٤٤).
(٤) الحديث ضعيف. رواه ابن كثير في تفسيره (٣ / ٢٨٥ / حلبي). ورواه ابن ماجة (١٦ / ٥ / ٢٤٤٤). ولفظه «إن موسى عليهالسلام آجر نفسه ثماني سنين أو عشرا على عفة ...» الحديث. وفيه.
أ ـ بقية بن الوليد الحمصي المحدث المشهور يروي عن دب ودرج وله غرائب تستنكر أيضا عن الثقات لكثرة حديثه.
قال ابن خزيمة : لا أحتج ببقية» وقال أحمد : له مناكير» وقال ابن حجر : «كان كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين» من الثامنة / خت م عه.
المغني في الضعفاء (١ / ١٠٩ / ٩٤٤). وطبقات المدلسين لأبن حجر صفحة ٣٧.
ب ـ مسلم بن علي الخشني الشامي قال : «البخاري منكر الحديث» وقال دحيم : «ليس بشيء» وقال أبو حاتم : لا يشتغل به» وقال ابن عدي : عامة أحاديث غير محفوظة.
المغني في الضعفاء (٢ / ٦٥٧ / حلبي). (الضعفاء والمتروكين رقم ٧٠) ميزان الاعتدال (١٠٩ / ٤)
وفي الزوائد إسناده ضعيف لأن فيه بقية. وليس لبقية عند ابن ماجة سوى هذا الحديث ـ كما رواه السيوطي في الفتح الكبير (١ / ٤٢٢ / حلبي).