فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك؟ فقال : سألتني بوجه الله ، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية ، سأخبرك من أنا؟ أنا الخضر الذي سمعت به ؛ سألني مسكين صدقة فلم يكن عندي من شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي ، فباعني. وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر ، وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم يتقعقع.
فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم! فقال : لا بأس أحسنت وأبقيت. فقال الرجل : بأبي وأمي يا نبي الله ، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله ، أو أخيرك فأخلي سبيلك ، فقال : أحب أن تخلي سبيلي ، فأعبد ربي ، فخلى سبيله ، فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها».
وهذا حديث رفعه خطأ ، والأشبه أن يكون موقوفا ، وفي رجاله من لا يعرف ، فالله أعلم.
وقد رواه ابن الجوزي في كتابه «عجالة المنتظر في شرح حال الخضر» من طريق عبد الوهاب ابن الضحاك ، وهو متروك عن بقية.
وقد روى الحافظ بن عساكر بإسناد إلى السدي : أن الخضر وإلياس كانا أخوين ، وكان أبوهما ملكا ، فقال إلياس لأبيه : إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك ، فلو أنك زوجته لعله يجيء منه ولد يكون الملك له ، فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر ، فقال لها الخضر : إنه لا حاجة لي في النساء ؛ فإن شئت أطلقت سراحك ، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عزوجل وتكتمين عليّ سري.
فقالت : نعم ، وأقامت معه سنة.
فلما مضت السنة دعاها الملك ، فقال : إنك شابة وابني شاب فأين الولد؟ فقالت : إنما الولد من عند الله ؛ إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن. فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها ، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها ، فأجابت إلى الإقامة عنده ، فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد ، فقالت : إن ابنك لا حاجة له بالنساء ، فتطلبه أبوه فهرب ، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه. فيقال إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره ، فهرب من أجل ذلك ، وأطلق سراح الأخرى.
فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة ، فمر بها رجل يوما فسمعته يقول : باسم الله. فقالت له : أنى لك هذا الاسم؟ فقال : إني من أصحاب الخضر ، فتزوجته فولدت له أولادا. ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت فرعون ، فبينما هي يوما تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت : باسم الله فقالت ابنة فرعون : أبي؟ فقالت : لا ، ربي وربك ورب أبيك الله.
فأعلمت أباها فأمر بنقرة من نحاس فأحميت ، ثم أمر بها فألقيت فيها. فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها ، فقال لها ابن معها صغير : يا أمه أصبري فإنك على الحق. فألقت نفسها في النار فماتت ، رحمها الله.
وقد روى ابن عساكر عن أبي داود الأعمى نفيع ـ وهو كذاب وضاع ـ عن أنس ابن مالك ،