ومن طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ـ وهو كذاب أيضا ـ عن أبيه عن جده : أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يدعي ويقول : «اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني ، وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه». فبعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنس بن مالك فسلم عليه فرد عليهالسلام ، وقال : قل له : «ان الله فضلك على الأنبياء كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على غيره». الحديث.
وهو مكذوب لا يصح سندا ولا متنا ؛ فكيف لا يتمثل بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويجيء بنفسه مسلما ومتعلما؟!
وهم يذكرون في حكاياتهم ، وما يسندونه عن بعض مشايخهم : أن الخضر يأتي إليهم ويسلم عليهم ويعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم ، وهو مع هذا لا يعرف موسى بن عمران كليم الله ، الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه ، حتى يتعرف إليه بأنه موسى بني إسرائيل.
وقد قال الحافظ ابو الحسين بن المنادي ، بعد إيراده حديث أنس هذا : وأهل الحديث متفقون على أنه حديث منكر الإسناد سقيم المتن ، يتبين فيه أثر الصنعة.
فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي قائلا : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو بكر بن بالوية ، حدثنا محمد بن بشر بن مطر ، حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا عباد بن عبد الصمد ، عن أنس بن مالك قال : لما قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله واجتمعوا. فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى. ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فإلى الله أنيبوا وإليه فارغبوا ، وقد نظر إليكم في البلاء فانظروا ؛ فإن المصاب من لم يجبر.
وانصرف.
فقال بعضهم لبعض : أتعرفون الرجل؟ فقال أبو بكر وعلي : نعم ؛ هو أخو رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخضر عليهالسلام.
وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا عن كامل بن طلحة به. وفي متنه مخالفة لسياق البيهقي.
ثم قال البيهقي : عباد بن عبد الصمد ضعيف فهذا منكر بمرة. قلت : عباد بن عبد الصمد هذا هو ابن معمر البصري ، روى عن أنس نسخه ، قال ابن حبان والعقيلي : أكثرها موضوع ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث جدا منكره ، وقال ابن عدي :
عامة ما يرويه في فضائل عليّ ، وهو ضعيف غال في التشيع.
وقال الشافعي في مسنده : أنبأنا القاسم بن عبد الله عمر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن الحسين قال : لما توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ؛ فإن المصاب من حرم الثواب. قال علي بن الحسين : أتدرون من هذا؟ هذا الخضر.