كما قال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ.)
[٣٤ / سبأ : ١٠]
أي سبحي معه. قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد في تفسير هذه الآية : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ). أي عند آخر النهار وأوله ، وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحد بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيا ، صلوات الله وسلامه عليه.
وقال الأوزاعي : حدثني عبد الله بن عامر قال : أعطي داود من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط ، حتى إن كان الطير والوحش ينعكف حوله حتى يموت عطشا وجوعا وحتى إن الأنهار لتقف! وقال وهب بن منبه : كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص ، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله فيعكف (١) الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى يهلك بعضها جوعا. وقال أبو عوانة الأسفراييني : حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا محمد بن منصور الطوسي سمعت صبيحا أبا تراب (٢) رحمهالله قال أبو عوانة : وحدثني أبو العباس المدني ، حدثنا محمد بن صالح العدوي حدثنا سيار هو ابن حاتم عن جعفر ، عن مالك ، قال : كان داود عليهالسلام إذا أخذ في قراءة الزبور تفتقت العذارى وهذا غريب.
وقال عبد الرزاق عن ابن جريج : سألت عطاء عن القراءة على الغناء فقال : وما بأس بذلك؟ سمعت عبيد بن عمر يقول : كان داود عليهالسلام يأخذ المعرفة فضربها فيقرأ عليها فترد عليه صوته يريد بذلك أن يبكي وبكى.
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال لقد أوتي أبي موسى من مزامير آل داود (٣).
وهذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.
وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لقد أعطي أبو موسى من مزامير داود» (٤).
على شرط مسلم.
__________________
(١) و : لتعتكف.
(٢) كذا في و. وفي المطبوعة «أنبئنا برادح» وهي محرفة وقال مصححة في الهامش : كذا بالنسخة الحلبية وبإحدى النسختين المصريتين «با تراب ح» وفي الثانية (أبو تراب ح). أ. ه.
(٣) الحديث رواه أحمد في مسنده (٦ / ٣٧ ، ١٦٧ / حلبي).
(٤) الحديث رواه أحمد في مسنده (٢ / ٣٦٩ / حلبي). ورواه ابن ماجة في سننه (٥ / ١٧٦ / ١٣٤١). وفي الزوائد :
قلت : أصله في الصحيحين من حديث أبي موسى (٦٦ / ٣٠ / ٥٠٤٨ / فتح). وفي مسلم من حديث بريدة (٦ / ٣٤ / ٢٣٥). وفي النسائي من حديث عائشة (١٨ / ٨٣). وفي الدارمي أيضا من حديث أبي موسى (٢ / ١٧١ / ١٤٩٧).