وأستأنس القائلون بهذا القول ـ وهو أخذ الميثاق على الذرية وهم الجمهور ـ بما قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثني شعبة ، عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به؟ قال : فيقول نعم. فيقول : قد أردت منك ما هو أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئا ، فأبيت إلا أن تشرك بي» (١).
أخرجاه من حديث شعبة به.
وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) الآية والتي بعدها.
قال : فجمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن منه إلى يوم القيامة ، فخلقهم ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق. ، وأشهد عليهم أنفسهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى ...) الآية ...
قال : فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع. ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، ألا تقولوا يوم القيامة ، : لم نعلم بهذا ، اعلموا إنه لا إله غيري ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، وإني سأرسل إليكم رسلا ينذرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتابي.
قالوا : نشهد إنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك. فأقروا يومئذ بالطاعة.
ورفع أباهم آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال :
يا رب لو سويت بين عبادك؟ فقال : إني أحببت أن أشكر.
ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة ، فهو الذي يقول الله تعالى :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.)
[٣٣ / الأحزاب : ٧].
وهو الذي يقول : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ.)
[٣٠ / الروم : ٣٠]
__________________
(١) الحديث رواه البخاري (٦٠ / ١ / ٣٣٣٤) فتح) ... ورواه مسلم في صحيحه (٥٠ / ١٠ / ٥٢). ورواه أحمد في مسنده (٣ / ١٢٧ ، ١٢٩ / حلبي). وأبي عمران الجوني هو : عبد الملك بن حبيب البصري (تقريب التهذيب ٢ / ٤٥٦ / ١٨٦).