ومن سبيل آخر : ألست قد تحصّلت أنّ كلّ طبيعة إمكانيّة فإنّها من حيث ذاتها بالقوّة وهى من تلقاء علّتها بالفعل ؛ إذ لها يحكم الماهيّة اللّيسيّة السّاذجة ، وبقياس السّبب الأيسيّة الفائضة. فهى تحت معنى ما بالقوّة ومعنى ما بالفعل من الجنبتين. وكلّ ممكن فهو حاصل الهويّة منهما جميعا فى الوجود ، ولا شيء غير القيّوم الواجب بالذّات يعرى عن ملابسة معنى ما بالقوّة باعتبار نفسه ، ثمّ بعض الممكنات مع ذلك ربما يعتريه أيضا أن يكون له معنى ما بالقوّة ومعنى ما بالفعل.
وأيضا كلّ من الطّبائع الإمكانيّة لها الإمكان الذّاتىّ من جوهر ذاتها ، والوجوب أو الامتناع بالغير من جنبة العلّة. والقوّة تشبه المادّة. وكذلك الإمكان الّذي هو حيّز القوّة. وكذلك سنخ جوهر الماهيّة الّتي هى مثوى الإمكان ، والفعليّة تشبه الصّورة ، وكذا الوجوب الّذي هو مغناطيس الفعليّة ، وكذلك الإنيّة الّتي هى كرياس دار الوجوب.
فإذن ، فى كلّ ممكن كثرة ايتلافيّة من شيء يشبه المادّة وآخر يشبه الصّورة ؛ فإذن ، لا بساطة فى عالم الإمكان ، لا فى اصول جواهر الماهيّات ، ولا فى فروع صفاتها ، والمفهومات المحمولة عليها ومباديها المنتزعة منها إلاّ بالإضافة فقط ، فبعض الماهيّات أبسط من بعض ، وبعض المفهومات من بعض.
وأمّا البساطة الحقّة فهى وراء ما اصطادتها الطّبائع الإمكانيّة ، وهى ممتنعة بالقياس إليها. وامتناعها هناك مقتضى لطبيعة الإمكان ، وكون الوجود زائدا على الماهيّة. فهذا حال الأحديّة بالنّسبة إليها.
وأمّا الوتريّة ، فإنّها أيضا خارجة عن إقليم الإمكان ؛ لأنّ كلّ ممكن : فإمّا ، أنّه تحت طبيعة مرسلة ، فيمكن بالنّظر إلى نفس تلك الطّبيعة المرسلة بما هى هى أن تكون هناك عدّة ممكنات ، تساهم ذلك الممكن فى الوقوع تحت تلك الطبيعة وإن امتنع ذلك بحسب نفس الأمر لأسباب خارجة عن نفس جوهر الطبيعة بما هى هى.
وأمّا أنّه هو بعينه طبيعة مرسلة ، فلا يأبى بما هى هى أن تكون لها تحصّلات متكثّرة وأن تقع تحتها أفراد متعدّدة هى حقائق محصّلة وإن فرض أنّها قد اقتضت