وإنّما يلزم الجهل لو لم يكن لمطابق الحكم ثبوت فى العقل ، على أنّه ثبوت الشّيء فى نفس الأمر مع عزل النظر عن خصوص لحاظ العقل وليس كذلك ؛ فإنّه ثابت فى نفس الأمر ، لا من حيث خصوص لحاظ العقل ، وإن كان ذلك الثّبوت فى لحاظ العقل فقط ، فكون الشّيء فى نفسه بحيث لو عقله عاقل حصل إضافة ما لذلك الشّيء إلى غيره ، كالمؤثّريّة ، مثلا ، هو صفة الشّيء ؛ لا الّذي يحصل فى العقل ، فإنّه صفة للعقل ومستحيل الحصول قبل وجود العقل ، كما أنّ الكون فى الزّمان أمر عقلىّ يعرض للمتكوّن مشروط بوجود الزّمان المتعلق به. ومعنى كون المتكوّن بحيث يصلح أن يعرض له ذلك عند فناء الزّمان.
٢ ـ ومنها : أنّ التّأثير فى الأثر حال وجوده ، وهو تحصيل الحاصل ، وحال عدمه، وهو جمع بين النّقيضين.
وحلّه : أنّه فرق ما بين أخذ الأثر فى زمان حصوله وأخذه بشرط حصوله. وليس بمستحيل أن يؤثّر المؤثّر فى الأثر فى زمان حصول الأثر ، بل شأن العلّة مع معلولها على هذا السّبيل ، فإنّها تؤثّر فيه من حيث هو هو ، لا بما هو حاصل ولا بما ليس هو بحاصل.
وبالجملة ، التّأثير المؤثّر فى حال الحصول حاصل بذلك التّأثير. وذلك تحصيل للحاصل بذلك التّحصيل ، ولا استحالة فيه. وبعبارة أخرى : إن اريد بحال الحصول معيّة المعلول والعلّة بحسب المقارنة فى التّحقّق ، اختير أنّ التّأثير فى حال الحصول بذلك التّأثير ؛ وإن اريد المعيّة العقليّة بحسب المقارنة الذّاتيّة اللّزوميّة ، قيل : التّأثير ليس فى حال الحصول ولا فى حال اللاّحصول ؛ إذا التأثير فى الذّات من حيث هى ، لا من حيث هى حاصلة أو ليست بحاصلة ؛ فإنّها من تلك الحيثيّة فى مرتبة حصول العلّة ، وليس بينها وبين العلّة مقارنة ذاتيّة لزوميّة. وأمّا الذّات الحاصلة أو اللاّحاصلة فهى متأخّرة عن مرتبة حصول العلّة أو لا حصولها ، وبينها وبين العلّة مقارنة ذاتيّة لزوميّة فى الحصول بحسب الواقع.
والمسمّون بالمتكلمين ينصرفون عن الحقّ ويتكلفون مسلكا آخر وعرا. وهو