أنّ المؤثّر مؤثّر فى حال حدوث الأثر ؛ فإنّها ليست بحال الوجود ولا بحال العدم.
وربما زاد بعضهم (١٠٢) فى طنبور السّخافة نغمة فقال : ليس يجب مقارنة العلّة والمعلول فى الحصول. كالصّوت يوجد فى الآن الثّاني ويصدر عن موجده فى الآن الّذي قبله ، فيكون التّأثير سابقا على الأثر بآن ويقع بالقياس إلى ما يحصل بعده ، سواء كان الأثر موجودا فى ذلك الآن بتأثير الآخر أو معدوما ويكون الأثر فى آن التّأثير غير موجود وفى الآن الّذي يصير موجودا لا يكون مقارنا للعدم.
٣ ـ ومنها : أنّ التّأثير إمّا فى الماهيّة أو فى الوجود أو فى اتّصاف الماهيّة بالوجود.
الأوّل محال ؛ لأنّ كلّ ما بالغير يلزم عدمه عند عدم ذلك الغير. فلو كان السّواد سوادا بالغير لم يكن السّواد سوادا عند عدم ذلك الغير ، والشّيء يستحيل أن يصير غير نفسه.
فإن ظنّ أنّه لا يلزم أن يكون السّواد مع كونه سوادا يصير موصوفا بأنّه ليس بسواد ، بل إنّما أن يعنى السّواد ولا يبقى. قيل : «يعنى السّواد» قضيّة. ولا بدّ من تقرّر موضوعها حال الحكم ، فيكون الفانى هو السّواد ، ويلزم أن يكون متقررا وغير متقرر.
والثانى يستلزم أن لا يبقى الوجود وجودا عند فرض عدم ذلك التّأثير ، فيكون الكلام فيه أيضا كذلك.
والثّالث غير صحيح ؛ لأنّ موصوفيّة الماهيّة بالوجود ليست إلاّ أمرا اعتباريّا لا يستند إلى المؤثّر. وأيضا ، التّأثير إمّا فى ماهيّة الموصوفيّة أو فى وجودها أو فى موصوفيّة ماهيّتها بوجودها. ويعود الكلام.
ويزاح : بأنّ التّأثير فى نفس الماهيّة ويترتّب عليه الموصوفيّة بالوجود ، ولا يكون ، مثلا ، السّواد سوادا بالغير ، بل إنّما يكون نفس السّواد من الغير. فإذا فرض السّواد وحب سواديّته بسبب الفرض وجوبا لاحقا مرتّبا على الفرض. ومع ذلك الوجوب يمتنع تأثير المؤثّر فيه ، فإنّه يكون جعل ما فرض مجعولا.