ثمّ بعض ما هو مقدور عليه واجب ضرورة بتيّة أن لا يكون تقرّره بعد بطلان الذّات بعديّة زمانيّة ، وبعضه واجب ضرورة بتيّة أن لا يتقرّر إلاّ بعد بطلان الذّات بعديّة زمانيّة.
وعامّة الفلاسفة اليونانيّة والإسلاميّة المتهوّسة بإثبات القدم للطبائع المعلولة المفطورة يزيغون عن حقّ الفحص ويغضّون من أبصار عقولهم فى إدراك هذه الحقيقة.
فإذن ، قد استبان لك أنّ تأثير الفاعل الجاعل ، معناه إفادة نفس الذّات بما هى هى. فإذا استمرّ هذا التّأثير استمرّت الذّات ، وإذا انبتّ بطلت الذّات بطلانها الّذي هو شأنها من نفسها فى الآزال والآباد إذا لم يفعلها فيض الجاعل.
وتأثير الجاعل ـ سواء كان فى الذّات الحادثة أو الذّات المستمرّة ـ إنّما هو فى نفس الذّات الموصوفة بالحدوث أو الاستمرار بما هى الذّات ، لا فى قيدى الحدوث (١٠٥) والاستمرار فى الذّات بما هى موصوفة بالحدوث والاستمرار. والذّات بما هى الذّات مستحقّة لأن يكون لها جاعل يجعلها ويذوّتها ويشيّئها ، وإن استمرّت وتعيّنت ذاتيّتها وشيئيّتها ، فإنّما يكون ذلك باستمرار الجعل والتّذويت ، والتشييء من تلقاء الجاعل.
والقول فى الوجود والأيسيّة أيضا على هذا السّبيل. فالوجود بما هو أيس ووجود من الجاعل الموجد ، واستمراره باستمرار التّأييس والإيجاد ؛ والتّذويت واستمرار التّذويت يستتبعان التّأييس واستمرار التّأييس ؛ والذّات واستمرار الذّات يستتبعان الأيس واستمرار الأيس.
وليس يتصوّر ثبات الذّات والأيس مستغنيا عن ثبات التّذويت والتّأييس. ولئن تصوّر كان مستغنيا عن سبب جاعل مذوّت مؤيّس. وليس ذلك إلاّ شأن واجب التّقرّر والوجود بالذّات. فإذن ، ليس استمرار التّذوّت والتّأيّس مفنى الذّات الفاقرة وخارق طباع الإمكان المفقر.
ولو كانت الحوادث الزّمانيّة تامّة القوّة فى سنخ ذاتها وفى اسّ جوهرها وعلى