فكره للعلم وقلبه للانسانية جمعاء ، ونفسه لحب الخير والسعي إليه حيث كان ، ومقدما جميع قواه وطاقاته للعمل المثمر في سبيل مجد الانسانية وسعادتها الدنيوية الاخروية ، وفي سبيل تحرير الانسان من العبوديات المختلفة ، وربطه ـ فقط ـ بعبوديته للقوة القاهرة ، العليمة الحكيمة غير المتطورة ، وهي العبودية لله وحده لا شريك له ، وهي العبودية الاعتقادية والعملية الموافقة للحقيقة التي عليها واقع كل مخلوق.
فدار بهم الزمن آنئذ دورة حضارة راقية خالية من الشر والاثم والضر ، ورافقتها أفضل مدنية عرفتها تلك العصور ، فلم يدعوا مجالا من مجالات المعرفة التي تيسرت لهم حينئذ إلّا خاضوا غماره ، ولا ميدانا من ميادين السبق العلمي إلّا كانوا مجلين فيه ، بينما كانت أوروبا وسائر الشعوب تغط في نوم التخلف العميق ، وظلام الجهل الدامس. وشواهد ذلك كثيرة جدا ، من النصوص الاسلامية ، والتاريخ الصحيح.
أضافت الرضاعة الصناعية مشكلة جديدة إلى المشاكل الاجتماعية والصحية التي تعصف مجتمعاتنا الاسلامية. بعد أن تركت تعاليم القرآن الكريم وما جاء به من إرشادات صحية ، وتوجيهات اجتماعية ، مما يؤكد أنّ الارضاع الطبيعي هو الأفضل والأصلح لتكامل الاسرة ، وحلقة قوية من حلقات الصرح الاسروي السعيد.
فالرضاعة شوق الام لرضيعها واشتياق الرضيع لصدر امه. فهي عملية حب وشوق إلهي لا يحس بها إلّا الام والرضيع ، حيث تتجلى فيها أسمى المعاني الانسانية التي غرزها الله في قلب الام وعقلها وشعورها.
وبالجملة ، هي المعجزة التي تتكرر على مر العصور ، لكي تثبت للانسان أنّها سر إلهي للذي أتقن كل شيء.
وبعد التنبيه إلى هذه الرضاعة الطبيعية لا بدّ أن نلفت النظر إلى أنّ المرأة عنصر هام من عناصر المجتمع الاسلامي ، المسؤول عن بناء الحضارة الاسلامية بناء