أما الرجال فكل واحد منهم يبذل الجهد والمال لكي تكون علاقاته وروابطه مع أقربائه وعشيرته جيدة وحسنة ، يسودها الاحترام والمحبة والعون والمساعدة في أغلب الحالات والأحيان.
ولكننا نرى هذا الإنسان ذا الروابط الأجتماعية القوية ، يتصرف تصرفا مغايرا لما تعوّد عليه حينما يرى بام عينيه قيام الساعة ومنظرها المهول الذي يجعل العقل حائرا والصبر نافذا ، فينسى في لحظات كل شيء كان في عقله.
ويبدأ بالتصرف وفق قانون الغريزة وحب البقاء ، ولم يعد يفكر إلّا بنفسه وكيفية خلاصها ونجاتها من المرتقب المجهول ، ولو كان ذلك على حساب أعز الناس إليه ، كالأولاد والزوجة والاخوان والعشيرة ، بل وحتى كل الناس.
سلوك مغاير ، وتبدل عجيب طرأ على ذلك الانسان المدهوش من قوة الصدمة النفسية ، حيث جعلت منه إنسانا ضيق الافق ، أناني النزعة ، يضحي بكل غال وعزيز في سبيل الخلاص من تلك الساعة ، متناسيا ما كان يحمله في الماضي من محبة وحنان وإخلاص ، فأصبح الآن تسيطر عليه الأنانية وحب الذات ، وتحولت عواطفه الروحية والانسانية إلى نزعة نرجسية لا مكان فيها للايمان ولا همّ لها سوى النجاة والخلاص.
هكذا إنسان تغلبت عليه عقدة حب النفس أصبح من الخطورة والاستعداد لأن يفعل أيّ شيء ويضحي بكل شيء في سبيل إنقاذ نفسه ، والحفاظ عليها ، ولتكن فديته أقرب وأحب الناس إلى قلبه وعقله.
يا له من تبدل وتحول وانقلاب نفسي حاد ومفاجىء يطرأ على واقع الأنسان ومفهومه الشخصي نتيجة رؤيته ذلك المنظر المخيف ، وتلك الصورة المفزعة ، فأصبح لا يفكر إلّا بنجاة نفسه ولو على حساب جميع أهل الأرض. وهذه هي قمة (الذات النرجسية عند الأنسان ، وتسمى طبيا ب Socioputhy)) (١).
__________________
(١) Davidson\'s principles and practice of midicin.