فبأنّ الهلاك بمعنى العقاب معلوم العدم (١١٩٤) ، وبمعنى غيره (١١٩٥) يكون الشبهة موضوعية لا يجب فيها الاجتناب بالاتّفاق.
ومن السنّة طوائف : إحداها : ما دلّ على حرمة القول والعمل بغير العلم. وقد ظهر جوابها ممّا ذكر في الآيات. والثانية : ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة وعدم العلم وهي لا تحصى كثرة (١١٩٦). وظاهر التوقّف المطلق السكون وعدم المضيّ ، فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل ، وهو محصّل قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار : «الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات». فلا يردّ على الاستدلال : أنّ التوقّف في الحكم الواقعي مسلّم عند كلا الفريقين ، والإفتاء بالحكم الظاهري منعا أو ترخيصا مشترك كذلك ، والتوقّف في العمل لا معنى له.
فنذكر بعض تلك الأخبار تيمنا : منها : مقبولة عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وفيها بعد ذكر المرجّحات : «إذا كان كذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك (١١٩٧) ؛ فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» (٧). ونحوها صحيحة جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام وزاد فيها : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه» (٨).
______________________________________________________
على معناها الثاني. وأمّا آية التنازع فيرد عليها : أنّ العمل بالبراءة المستفادة من الأدلّة الأربعة ردّ لحكم المشتبه إلى الله ورسوله. ولعلّه لغاية ضعف دلالتها لم يتعرّض المصنّف رحمهالله للجواب عنها.
١١٩٤. لما أسلفه من قبح العقاب بلا بيان.
١١٩٥. من سائر المفاسد الدنيويّة أو الاخرويّة.
١١٩٦. هي قريبة من التواتر ، أو متواترة على ما ادّعاه الشيخ الحرّ العاملي في باب القضاء من الوسائل.
١١٩٧. قال الطريحي : وفي الحديث المشتبه أمره : «فأرجه حتّى تلقى إمامك» أي : أخّره واحبس أمره من الإرجاء وهو التأخير.