المطلب الثالث : فيما دار الأمر فيه بين الوجوب والحرمة وفيه مسائل : المسألة الاولى في حكم دوران الأمر بين الوجوب والحرمة (١٣٩٥) من جهة عدم الدليل على تعيين أحدهما بعد قيام الدليل على أحدهما كما إذا اختلفت الامّة على القولين بحيث علم عدم الثالث.
______________________________________________________
١٣٩٥. ينبغي قبل الأخذ في المطلوب من بيان امور :
الأوّل : أنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الواجب قد يكون تعيينيّا. وقد يكون تخييريّا عقليّا أو شرعيّا. وأمّا الحرام فالنهي إن تعلّق بفرد خاصّ فلا ريب في إفادته حرمته تعيينا. وإن تعلّق بالطبيعة يفيد حرمتها تعيينا بالأصالة. وكذا حرمة أفرادها كذلك من باب المقدّمة ، لأنّ امتثاله لا يمكن إلّا بالاجتناب عن جميع أفرادها بالالتزام ، يفيد العموم فيها لا محالة. نعم ، هو من قبيل المطلق بالنسبة إلى زمان الامتثال ، بل إطلاقه بالنسبة إليه أحوالي لا مادّي ، فإذا ترك أفراد الطبيعة في الزمان الثاني حصل امتثال النهي ، ما لم تفهم من الخطاب المتضمّن للنهي أو من الخارج إرادة العموم بحسب الزمان أيضا. وإن تعلّق بأحد الأمرين ، بأن قال : لا تفعل هذا أو هذا ، فهو يفيد التخيير في ترك أحدهما ، نظير الشبهة المحصورة في الموضوعات على القول بحرمة المخالفة القطعيّة وعدم وجوب الموافقة كذلك.
وإذا تحقّق ذلك نقول : إنّ الوجوب والحرمة اللذين فرض الدوران بينهما إمّا أن يكونا تعيينيّين ، أو تخييريّين ، أو مختلفين. فالأوّل : مثل ما لو دار الأمر بين