احتجّ للقول الثاني ـ وهو وجوب الكفّ عمّا يحتمل الحرمة ـ بالأدلّة الثلاثة : فمن الكتاب طائفتان : إحداهما : ما دلّ على النهي عن القول بغير علم ؛ فإنّ الحكم بترخيص الشارع لمحتمل الحرمة قول عليه بغير علم وافتراء حيث إنّه لم يؤذن فيه. ولا يرد ذلك على أهل الاحتياط ؛ لأنّهم لا يحكمون بالحرمة ، وإنّما يتركون لاحتمال الحرمة ، وهذا بخلاف الارتكاب ؛ فإنّه لا يكون إلّا بعد الحكم بالرخصة والعمل على الإباحة.
والاخرى : ما دلّ بظاهره على لزوم الاحتياط والاتّقاء والتورّع ، مثل ما ذكره الشهيد رحمهالله في الذكرى في خاتمة قضاء الفوائت ـ للدلالة على مشروعيّة الاحتياط في قضاء ما فعلت من الصلاة المحتملة للفساد ـ ، وهي قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (١) و (جاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (٢). أقول : ونحوهما في الدلالة على وجوب الاحتياط : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٣) ، وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٤) ، وقوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) (٥).
والجواب أمّا عن الآيات الناهية عن القول بغير علم ـ مضافا إلى النقض (١١٩٢)
______________________________________________________
١١٩٢. يرد عليه أيضا : أنّ قول الأخباريّين بوجوب الاحتياط وحرمة الارتكاب قول بغير علم. وما ذكره المصنّف من عدم ابتناء القول بالاحتياط على الفتوى بحرمة الارتكاب مبنيّ على المماشاة مع الخصم ، وإلّا فلا ريب في فتوى الأخباريّين بوجوب الاحتياط وحرمة الارتكاب.