واحد بمنزلة خطاب واحد لشيئين ؛ إذ لا فرق بين قوله : «اجتنب عن الخمر» و «اجتنب عن مال الغير» ، وبين قوله : «اجتنب عن كليهما» ، بخلاف الخطابين الموجّهين إلى صنفين يعلم المكلّف دخوله تحت أحدهما ، لكن كلّ من الدعويين خصوصا الأخيرة ضعيفة ؛ فإنّ دعوى عدم شمول ما دلّ على وجوب حفظ الفرج عن الزنا أو العورة عن النظر للخنثى ، كما ترى (١٥٥٥).
وكذا دعوى اشتراط التكليف بالعلم بتوجّه خطاب تفصيلي ؛ فإنّ المناط في وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عدم جواز إجراء أصل الإباحة في المشتبهين ، وهو ثابت فيما نحن فيه ؛ ضرورة عدم (*) جريان أصالة الحلّ في كشف كلّ من قبلي الخنثى ؛ للعلم بوجوب حفظ الفرج من النظر والزنا على كلّ أحد ، فمسألة الخنثى نظير المكلّف المردّد بين كونه مسافرا أو حاضرا لبعض الاشتباهات ، فلا يجوز له ترك العمل بخطابهما.
الثامن : أنّ ظاهر كلام الأصحاب التسوية بين كون الأصل في كلّ واحد من المشتبهين في نفسه هو الحلّ أو الحرمة ؛ لأنّ المفروض عدم جريان الأصل فيهما ـ لأجل معارضته بالمثل ـ ، فوجوده كعدمه.
ويمكن الفرق (١٥٥٦) من المجوّزين لارتكاب ما عدا مقدار الحرام وتخصيص الجواز بالصورة الاولى ، ويحكمون في الثانية بعدم جواز الارتكاب ؛ بناء على العمل بالأصل فيهما ، ولا يلزم هنا مخالفة قطعيّة في العمل ، ولا دليل على حرمتها إذا لم
______________________________________________________
١٥٥٥. لأنّ منشأ الانصراف هنا هي قلّة وجود الخنثى ، وهي بنفسها من دون ضمّ كثرة الاستعمال إليها ليست منشأ له ، ومعه لا حاجة إليها كما صرّح به المصنّف رحمهالله في بعض تحقيقاته في الفقه.
١٥٥٦. إنّما خصّ الفرق بالمجوّزين لعدم تأتّيه على القول بوجوب الموافقة القطعيّة ، لفرض وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين فيما كان الأصل في كلّ
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : جواز.