من المشتبهين ، وإبقائهما (١٥٠٨) يوجب التنافي مع أدلّة تحريم العناوين الواقعيّة ، وإبقاء واحد على سبيل البدل غير جائز ؛ إذ بعد خروج كلّ منهما بالخصوص ليس الواحد لا بعينه فردا ثالثا يبقى تحت أصالة العموم.
وأمّا العقل ؛ فلمنع استقلاله في المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردّد بين الأمرين ، بل الظاهر استقلال العقل في المقام بعد عدم القبح المذكور بوجوب دفع الضرر ، أعني العقاب المحتمل في ارتكاب أحدهما.
وبالجملة : فالظاهر عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة ، فإمّا أن تجوّز الاولى وإمّا أن تمنع الثانية.
الثاني : أنّ وجوب الاجتناب عن كلّ من المشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعي ؛ فلا مؤاخذة إلّا على تقدير الوقوع في الحرام ، أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنّه مشتبه ؛ فيستحقّ المؤاخذة بارتكاب أحدهما ولو لم يصادف الحرام ، ولو ارتكبهما استحقّ عقابين (١٥٠٩)؟
______________________________________________________
بالثانية أدلّة البراءة. ويحتمل أن يريد بالاولى ما اختصّ بالشبهة في التحريم من أدلّة البراءة ، مثل قوله : عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» وقوله : عليهالسلام «وكلّ شيء لك حلال». وبالثانية عموماتها ، مثل قوله : عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد». ومثل حديث الرفع ونحوهما.
١٥٠٨. يعني : تحت ما تقدّم من الأدلّة.
١٥٠٩. فإن قلت : يمكن أن يقال بتثليث العقاب على تقدير ارتكاب المشتبهين ، وبترتّب عقابين على ارتكاب أحدهما مع مصادفته للواقع ، لأنّ الحرام الواقعي بعنوانه الخاصّ موضوع ، والمشتبهين بوصف الاشتباه فيهما موضوعان آخران ، والفرض كون العلم الإجمالي منجّزا للتكليف بالواقع بحيث يترتّب العقاب على مخالفته من حيث هو ، وكذا المشتبهان بوصف الاشتباه فيهما محكومان بالحرمة شرعا بحيث يترتّب العقاب على ارتكاب كلّ منهما. والقول بتداخل عقاب الظاهر