في العمومات ـ بناء على اختصاص الخطاب بالمشافهين أو فرض الخطاب في غير الكتاب ـ إذ لا يلزم من عدم المخصّص لها في الواقع إرادة العموم ؛ لأنّ المفروض حينئذ جواز تأخير المخصّص عن وقت العمل بالخطاب.
قلت : المستند في إثبات أصالة الحقيقة بأصالة عدم القرينة قبح الخطاب بالظاهر المجرّد وإرادة خلافه ، بضميمة أنّ الأصل الذي استقرّ عليه طريقة التخاطب هو أنّ المتكلم لا يلقي الكلام إلّا لأجل إرادة تفهيم معناه الحقيقيّ أو المجازيّ ، فإذا لم ينصب قرينة على إرادة تفهيم المجاز تعيّن إرادة الحقيقة فعلا ، وحينئذ فإن اطّلعنا على التخصيص المتأخّر كان هذا كاشفا عن مخالفة المتكلّم لهذا الأصل لنكتة ، وأمّا إذا لم نطّلع عليه ونفيناه بالأصل فاللازم الحكم بإرادة تفهيم الظاهر فعلا من المخاطبين ، فيشترك الغائبون معهم.
ومنها : تعارض الإطلاق والعموم ، فيتعارض تقييد المطلق وتخصيص العامّ. ولا إشكال في ترجيح التقييد على ما حقّقه سلطان العلماء (٢٩٠٦)
______________________________________________________
الملازمة المذكورة كما هو الفرض في المقام ، فغاية ما يثبت بأصالة عدم المخصّص هو تكليف المشافهين بالعموم في الظاهر ، وإن كان المراد به الخصوص في الواقع. ولا دليل على الاشتراك في التكليف في الأحكام الظاهريّة ، لعدم الإجماع عليه كما قرّر في محلّه.
وحاصل الجواب : أنّ مبنى أصالة الحقيقة في الظواهر هو قبح الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه ، مع فرض كون إلقاء الكلام للإفهام. وحينئذ نقول : إنّ مقتضى أصالة الحقيقة كون تكليف المشافهين في الواقع بالعموم ، غاية الأمر أنّه إذا ورد مخصّص للعامّ بعد حضور وقت العمل به كشف ذلك عن مخالفة المتكلّم لهذه القاعدة لمصلحة راعاها ، وأنّ تكليف المشافهين إنّما كان بالعموم ظاهرا دون الواقع. وأمّا إذا لم يظهر المخصّص ، كما هو الفرض في موارد التمسّك بأصالة عدمه ، فمقتضى أصالة الحقيقة هو تعلّق تكليف المشافهين في الواقع بالعموم ، فيثبت ذلك في حقّنا أيضا بدليل الاشتراك في التكليف.
٢٩٠٦. توضيح المقام يتوقّف على بيان أقسام المطلقات ، فنقول : إنّها على