قال الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي على ما حكي عنه : إنّ كلّ حديثين ظاهرهما التعارض يجب عليك اوّلا البحث عن معناهما وكيفية دلالة ألفاظهما ، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات التأويل والدلالات ، فاحرص عليه واجتهد في تحصيله ؛ فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء. فإذا لم تتمكّن من ذلك ولم يظهر لك وجهه ، فارجع إلى العمل بهذا الحديث ـ وأشار بهذا إلى مقبولة عمر بن حنظلة (٢) ـ انتهى.
واستدلّ عليه تارة (٢٧٨٢):
______________________________________________________
من وجه ، أو لم يحتج إليه أصلا كالعامّ والخاصّ مطلقا. وحاصل المقصود : أنّ الجمع في هذه الموارد أولى من الطرح بالمعنى الذي أشار إليه المصنّف رحمهالله. فهنا مقامات ثلاثة يشملها إطلاق كلماتهم في بيان القاعدة ، منها ما هو مقطوع بكونه من مواردها ، ومنها ما هو مقطوع بعدم كونه منها ، ومنها ما هو مشكوك الحال. وسنشير إلى تحقيق الحال في ذلك.
٢٧٨٢. قال في تمهيد القواعد في مقام التعليل لأولويّة الجمع : «لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال ، فيجمع بينهما بما أمكن ، لاستحالة الترجيح من غير مرجّح».
وأنت خبير بما فيه ، إذ بعد تسليم كون مقتضى الأصل في كلّ واحد من الدليلين هو الإعمال ـ الذي مقتضاه الجمع بينهما بما أمكن ـ لا معنى لتعليل الجمع بعده باستحالة الترجيح من غير مرجّح. فالأولى أن يقتصر على الفقرة الاولى من كلامه ، أعني : قوله : «لأنّ الأصل في كلّ واحد من الدليلين هو الإعمال» لأنّه حيث لا يمكن العمل بهما بمدلولهما المطابقي يعمل بهما بحسب الإمكان ، وهو يحصل بالجمع بينهما بما أمكن ، لأنّه مقتضى الأصل المذكور. ولذا قال المحقّق القمّي رحمهالله بعد نقل كلامه : «ولم أتحقّق معنى قوله : لاستحالة الترجيح من غير مرجّح ، إذ المفروض عدم ملاحظة المرجّح ، وإلّا فقد يوجد المرجّح لأحدهما».