فكلّما رجع التعارض إلى تعارض الظاهر والأظهر ، فلا ينبغي الارتياب في عدم ملاحظة المرجّحات الأخر. والسرّ في ذلك ما أشرنا إليه سابقا من أنّ مصبّ الترجيح بها هو ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفيّ يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقية ، بل في جزئي كلام واحد لمتكلّم واحد.
وبتقرير آخر : إذا أمكن فرض صدور الكلامين على غير جهة التقيّة ، وصيرورتهما كالكلام الواحد ـ على ما هو مقتضى دليل وجوب التعبّد بصدور الخبرين ـ فيدخل في قوله عليهالسلام : " أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ..." إلى آخر الرواية المتقدّمة ، وقوله عليهالسلام : " إنّ في كلامنا محكما ومتشابها فردّوا متشابهها إلى محكمها" ، ولا يدخل ذلك في مورد السؤال عن علاج المتعارضين ، بل مورد السؤال عن العلاج مختصّ بما إذا كان المتعارضان لو فرض صدورهما ، بل اقترانهما (٢٨٨٢) ، تحيّر السائل فيهما ، ولم يظهر المراد منهما إلّا ببيان آخر لأحدهما أو لكليهما. نعم ، قد يقع الكلام في ترجيح بعض الظواهر على بعض وتعيين الأظهر ، وهذا خارج عمّا نحن فيه.
وما ذكرناه كأنّه ممّا لا خلاف فيه كما استظهره بعض مشايخنا المعاصرين ، ويشهد له ما يظهر من مذاهبهم في الاصول وطريقتهم في الفروع. نعم قد يظهر من عبارة الشيخ قدسسره في الاستبصار خلاف ذلك ، بل يظهر منه أنّ الترجيح بالمرجّحات يلاحظ بين النصّ والظاهر فضلا عن الظاهر والأظهر ؛ فإنّه قدسسره بعد ما ذكر حكم الخبر الخالي عمّا يعارضه ، قال : وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارضين ، فيعمل على أعدل الرواة في الطريقين. وإن كانا سواء في العدالة عمل على أكثر الرواة عددا. وإن كانا متساويين في العدالة والعدد وكانا عاريين عن جميع القرائن التي ذكرناها ينظر :
______________________________________________________
٢٨٨٢. لعلّ وجه الترقّي أنّ العامّ والخاصّ المطلقين إذا لم يفرض اقترانهما ربّما يفهم التنافي بينهما ، لكن بعد فرض اقترانهما يظهر كون الخاصّ قرينة عرفيّة على ما هو المراد من العامّ.