الأوّل : مجرّد التعبّد ، كما هو ظاهر كثير من أخباره ، ويظهر من المحقّق استظهاره من الشيخ قدسسرهما. الثاني : كون الرشد في خلافهم ، كما صرّح به في غير واحد من الأخبار المتقدّمة ورواية عليّ بن أسباط : " قال : قلت للرضا عليهالسلام : يحدث الأمر ، لا أجد بدّا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك. فقال : ائت فقيه البلد واستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإنّ الحقّ فيه".
وأصرح من ذلك كلّه خبر أبي إسحاق الأرجائيّ : " قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أتدري لم امرتم بالأخذ بخلاف ما يقوله العامّة؟ فقلت : لا أدري. فقال : إنّ عليّا صلوات الله عليه لم يكن يدين الله بشيء إلّا خالف عليه العامّة إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألونه صلوات الله عليه عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدّا من عندهم ليلبسوا على الناس" (٨).
الثالث : حسن مجرّد المخالفة لهم ، فمرجع هذا المرجّح ليس الأقربيّة إلى الواقع ، بل هو نظير ترجيح دليل الحرمة على الوجوب ، ودليل الحكم الأسهل على غيره. ويشهد لهذا الاحتمال بعض الروايات مثل قوله عليهالسلام في مرسلة داود بن الحصين : " إنّ من وافقنا خالف عدوّنا ، ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منّا ولا نحن منه" (٩). ورواية الحسين بن خالد : " شيعتنا : المسلّمون لأمرنا ، الآخذون بقولنا ، المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منّا" (١٠) فيكون حالهم حال اليهود الوارد فيهم قوله صلىاللهعليهوآله : " خالفوهم ما استطعتم".
______________________________________________________
أحدهما : أنّ الموافقة والمخالفة على الأوّل دليل على ورود الموافق تقيّة والمخالف لبيان الواقع ، وعلى الثاني أنّ الموافقة أمارة لبطلان مضمون الخبر في الواقع ، والمخالفة لحقّيته كذلك.
وثانيهما : أنّ الموافقة والمخالفة على الأوّل دليلان على ورود الموافق تقيّة ، والمخالف لبيان الواقع مطلقا ، سواء كان الاحتمال في المسألة عند الخاصّة منحصرا في اثنين أم كان أزيد ، بأن كانت المسألة عندهم ذات قولين أو أقوال ، وكانت العامّة متّفقين على أحد القولين أو الأقوال ، وكان أحد الخبرين موافقا لهم والآخر