الرابع : الحكم بصدور الموافق تقيّة. ويدلّ عليه قوله عليهالسلام في رواية : " ما سمعته مني يشبه قول الناس ففيه التقيّة ، وما سمعته منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه" (١١) ، بناء على أنّ المحكيّ عنه عليهالسلام مع عدالة الحاكي كالمسموع منه ، وأنّ الرواية مسوقة لحكم المتعارضين ، وأنّ القضيّة غالبيّة ؛ لكذب الدائميّة.
أمّا الوجه الأوّل ـ فمع بعده عن مقام ترجيح أحد الخبرين (٢٩٥٨) المبنيّ اعتبارهما على الكشف النوعيّ ـ ينافيه (*) التعليل المذكور في الأخبار المستفيضة المتقدّمة.
ومنه يظهر ضعف الوجه الثالث ، مضافا إلى صريح رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : " ما أنتم والله على شيء ممّا هم فيه ، ولا هم على شيء ممّا أنتم فيه ، فخالفوهم ؛ فإنّهم ليسوا من الحنفيّة على شيء" (١٢) فقد فرّع الأمر بمخالفتهم على مخالفة أحكامهم للواقع ، لا مجرّد حسن المخالفة.
______________________________________________________
مخالفا لهم. وأمّا على الثاني فمع انحصار الاحتمال في المسألة في اثنين تكون المخالفة أمارة لحقيّة مضمون الخبر في الواقع ، والموافقة أمارة لبطلانه كذلك. وأمّا مع تكثّر الاحتمال فالموافقة وإن كانت أمارة لبطلان مضمون الموافق في الواقع ، إلّا أنّ المخالفة لا تكون أمارة لحقيّة مضمون الخبر المخالف ، لأنّ الفرض حينئذ أنّ الحقّ إنّما هو بين الاحتمالات المخالفة لهم ، لا انحصاره في مضمون المخالف الذي يوافق أحد الاحتمالات المذكورة نعم ، يكون المخالف حينئذ أبعد من الباطل بالنسبة إلى الموافق ، لا أن تكون المخالفة أمارة الرشد والحقيّة. وبهذا الوجه يفترق الأوّل عن الرابع أيضا.
٢٩٥٨. لأنّ المناسب لترجيح أحد الخبرين المعتبرين من باب الطريقيّة كون المرجّح ممّا يقوّي ذا المزيّة في جهة اعتباره ، بأن يقوّي جهة كشفه عن الواقع ، بحيث يكون مورده معه أقرب إلى الواقع وأبعد من الباطل من معارضه الخالي منه ، لا جعل الامور التعبّدية من مرجّحاته ، أو جعل ما هو كاشف عن الواقع بنفسه منها ، لكن
__________________
(*) فى بعض النسخ : «ينافي».