نعم ، لو بلغ المرجّح الخارجيّ إلى حيث يوهن الأرجح دلالة ، فهو يسقطه عن الحجّية ويخرج الفرض عن تعارض الدليلين ؛ ومن هنا قد يقدّم العامّ المشهور أو (*) المعتضد بالامور الخارجيّة الأخر على الخاصّ.
وأمّا الترجيح من حيث السند ، فظاهر مقبولة ابن حنظلة تقديمه على المرجّح الخارجيّ (٢٩٨٩) ، لكنّ الظاهر أنّ الأمر بالعكس ؛ لأنّ رجحان السند إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع ، فإنّ الأعدل أقرب إلى الصدق من غيره ، بمعنى أنّه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون صدق الأعدل وكذب العادل ، فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع وخبر الأعدل مظنون المخالفة ، فلا وجه لترجيحه بالأعدليّة. وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامّة ، بناء على أنّ الوجه فيه (٢٩٩٠) هو نفي احتمال التقيّة.
وأمّا القسم الثاني ، وهو ما كان مستقلا بالاعتبار ولو خلا المورد عن الخبرين ، فقد أشرنا إلى أنّه على قسمين : الأوّل : ما يكون معاضدا لمضمون أحد الخبرين. والثاني : ما لا يكون كذلك.
فمن القسم الأوّل : الكتاب والسنّة ، والترجيح بموافقتهما ممّا تواتر به الأخبار. واستدلّ في المعارج على ذلك بوجهين : أحدهما : أنّ الكتاب دليل مستقلّ ، فيكون دليلا على صدق مضمون الخبر. ثانيهما : أنّ الخبر المنافي لا يعمل به (٢٩٩١)
______________________________________________________
لإطالة الكلام في ذلك بعد ما اخترناه من جواز الترجيح بكلّ مزيّة.
٢٩٨٩. حيث قدّم فيها الأعدليّة على الأفقهيّة وعلى الشهرة.
٢٩٩٠. لأنّه بناء على الوجه الثاني من الوجوه الأربعة المتقدّمة تكون مخالفة العامّة من المرجّحات الخارجة أيضا ، وحيث تعارض مع مرجّح خارجيّ آخر يكون المدار على ما ترجّح في نظر المجتهد.
٢٩٩١. لإطلاق الأخبار المتواترة على طرح ما خالف كتاب الله وأنّه زخرف.
__________________
(*) فى بعض النسخ بدل «أو» : و.