لو انفرد عن المعارض ، فما ظنّك به معه (١٩)؟! انتهى. وغرضه الاستدلال على طرح الخبر المنافي ، سواء قلنا بحجّيته مع معارضته لظاهر (٢٩٩٢) الكتاب أم قلنا بعدم حجّيته ، فلا يتوهّم التنافي بين دليليه.
ثمّ إنّ توضيح الأمر في هذا المقام يحتاج إلى تفصيل أقسام ظاهر الكتاب و (*) السنّة المطابق لأحد المتعارضين. فنقول : إنّ ظاهر الكتاب إذا لوحظ مع الخبر المخالف فلا يخلو عن صور ثلاث : الاولى : أن يكون على وجه لو خلّى الخبر المخالف له عن معارضة المطابق له كان مقدّما عليه ؛ لكونه نصّا بالنسبة إليه ؛ لكونه اخصّ منه أو غير ذلك (٢٩٩٣) ـ بناء على تخصيص الكتاب بخبر الواحد ـ فالمانع عن التخصيص حينئذ ابتلاؤه (**) بمعارضة مثله ، كما إذا تعارض" أكرم زيدا العالم" و" لا تكرم زيدا العالم" ، وكان في الكتاب عموم يدلّ على وجوب إكرام العلماء.
ومقتضى القاعدة في هذا المقام أن يلاحظ اوّلا جميع ما يمكن أن يرجّح به الخبر المخالف للكتاب على المطابق له ، فإن وجد شيء منها رجّح المخالف به وخصّص به الكتاب ؛ لأنّ المفروض انحصار المانع عن تخصيصه به في ابتلائه بمزاحمة الخبر المطابق للكتاب ؛ لأنّه مع الكتاب من قبيل النصّ والظاهر ، وقد عرفت أنّ العمل بالنصّ ليس من باب الترجيح ، بل من باب العمل بالدليل والقرينة في مقابلة أصالة الحقيقة ، حتّى لو قلنا بكونها (٢٩٩٤) من باب الظهور النوعيّ. فإذا عولجت المزاحمة
______________________________________________________
٢٩٩٢. كما هو مقتضى دليله الأوّل. وقوله : «أم قلنا ...» هو مقتضى دليله الثاني.
٢٩٩٣. بأن كان بين ظاهر الكتاب والخبر المخالف له عموم من وجه ، وكان الخبر المخالف له أظهر منه دلالة ، إمّا لكونه أقلّ أفرادا منه ، أو كان حكمه معلّلا ، أو نحو ذلك.
٢٩٩٤. قد تقدّم تفصيله في أوّل المسألة عند بيان معنى الحكومة.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «و» ، أو.
(**) فى بعض النسخ بدل «ابتلاؤه» : ابتلاء الخاص.