الاستدلاليّة ؛ من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعيّ بمطابقة الأصل. وأمّا الاحتياط ، فلم يعلم منهم الاعتماد عليه ، لا في مقام الاستناد ولا في مقام الترجيح (*).
وقد يتوهّم (٢٠) : أنّ ما دلّ على ترجيح التخيير مع تكافؤ الخبرين معارض بما دلّ على الاصول الثلاثة ، فإنّ مورد الاستصحاب عدم اليقين بخلاف الحالة السابقة ، وهو حاصل مع تكافؤ الخبرين.
ويندفع : بأنّ ما دلّ على التخيير حاكم على الأصل ؛ فإنّ مؤدّاه جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة والالتزام بارتفاعها ، فكما أنّ ما دلّ على تعيين (**) العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة مع سلامته عن المعارض حاكم على دليل الاستصحاب ، كذلك يكون الدليل الدالّ على جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة المكافئ لمعارضه حاكما عليه من غير فرق أصلا.
مع أنّه لو فرض التعارض المتوهّم كان أخبار التخيير أولى بالترجيح وإن كانت النسبة عموما من وجه ؛ لأنّها أقلّ موردا ، فيتعيّن تخصيص أدلّة الاصول ، مع أنّ التخصيص في أخبار التخيير يوجب إخراج كثير من مواردها بل أكثرها ، بخلاف تخصيص أدلّة الاصول. مع أنّ بعض أخبار التخيير ورد في مورد جريان الاصول مثل مكاتبة عبد الله بن محمّد الواردة في فعل ركعتي الفجر في المحمل ، ومكاتبة الحميريّ المرويّة في الاحتجاج الواردة في التكبير في كلّ انتقال من حال إلى حال من أحوال الصلاة.
وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره (٣٠١٠) بعض من عاصرناه في تقديم الموافق للأصل على المخالف ، من أنّ العمل بالموافق موجب للتخصيص فيما دلّ على حجّية
______________________________________________________
٣٠١٠. أمّا ظهور فساد الأوّل فلما تقدّم من حكومة ما دلّ على اعتبار الخبر المخالف على عموم ما دلّ على اعتبار الاصول ، فلا تعارض بينهما ، فعلى كلّ تقدير ليس هنا إلّا تخصيص واحد.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «الترجيح» ، إلّا في مقام الاستناد ، لا في مقام الترجيح.
(**) فى بعض النسخ : بدل «تعيين» ، تعيّن.