المخالف ، والعمل بالمخالف مستلزم للتخصيص فيما دلّ على حجّية الموافق وتخصيص آخر فيما دلّ على حجّية الاصول ، وأنّ الخبر الموافق يفيد ظنّا بالحكم الواقعيّ ، والعمل بالأصل يفيد الظنّ بالحكم الظاهريّ ، فيتقوّى به الخبر الموافق ، وأنّ الخبرين يتعارضان ويتساقطان ، فيبقى الأصل سليما عن المعارض (٢١).
بقي هنا شيء وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر (٣٠١١)
______________________________________________________
وأمّا الثاني ، فإنّه مع فرض كون الخبر الموافق مفيدا للظنّ بالحكم الواقعي ، والأصل للظنّ بالحكم الظاهري ، لا يكون مضمون الخبر مؤيّدا بالأصل ، لاختلاف مرتبتهما ، فلا يترجّح به. ولذا جعل الاصول من المرجّحات الّتي لا تكون مؤيّدة لمضمون الخبر الموافق ، وجعل الكلام فيها على تقدير كون مضمونها هو الحكم الظاهري دون الواقعي.
وأمّا الثالث ، فإنّه مع تساقط الخبرين لا يكون الأصل مرجّحا بل مرجعا ، مع أنّك قد عرفت ما في كونه مرجعا أيضا. مضافا إلى استفاضة الأخبار بالتخيير كما تقدّم.
٣٠١١. لعلّ ذكر هذا بعد بيان حكم الترجيح بالأصل وعدمه من باب ذكر الخاصّ بعد العامّ ، لكون المراد بالأصل هنا ما كان عقليّا لا شرعيّا كما سيصرّح به. والوجه في تخصيصه بالذكر كونه محلّ نزاع برأسه. ويحتمل كون المراد بالأصل هنا أعمّ من الاصول العمليّة واللفظيّة ، لكنّ المتيقّن من كلماتهم هي الاولى. وسمّي الموافق مقرّرا لتقريره الأصل على مقتضاه ، والمخالف بالناقل لنقله الحكم عن مقتضى الأصل.
وقد حكي بعض مشايخنا هنا أقوالا ستّة : أحدها : تقديم المقرّر ، وهو عزيز القائل. وثانيها : تقديم الناقل ، وهو المشهور. وثالثها : التوقّف. ورابعها : التفصيل بينما كان الخبران نبويّين وكانا معلومي التاريخ فيقدّم المتأخّر مطلقا ، سواء كان ناقلا أم مقرّرا ، وبينما كانا مجهولي التاريخ أو كانا صادرين عن أحد