وقد لا تنقلب النسبة فيحدث الترجيح في المتعارضات (٢٩٤٤) بنسبة واحدة ، كما لو ورد : " أكرم العلماء" و" لا تكرم الفسّاق" و" يستحبّ إكرام الشعراء" ، فإذا فرضنا أنّ الفسّاق أكثر (٢٩٤٥) فردا من العلماء خصّ بغير العلماء ، فيخرج العالم
______________________________________________________
العموم والخصوص مطلقا ، وهو قولنا : لا تكرم فسّاقهم ، والآخر : على وجه العموم والخصوص من وجه ، وهو قولنا : يستحبّ إكرام العدول. وحينئذ تجب ملاحظة الترتيب ، بمعنى تخصيص العلماء أوّلا بفسّاقهم ، لكونه أخصّ منه مطلقا ، ثمّ تخصيص العدول بالعلماء ، لصيرورته أخصّ منه بعد إخراج الفسّاق منهم ، إذ لو لا ملاحظة الترتيب ، بأن يخصّص العلماء أوّلا بالعدول ، بأن تخرج مادّة الاجتماع التي هو العالم العادل من تحت عموم العلماء ويدخل تحت عموم العدول ، فحينئذ إمّا أن يخصّص العلماء بفسّاقهم أيضا ، فيلزم طرح دليل العلماء ، لبقائه بلا مورد حينئذ ، وإمّا أن لا يخصّص به ، فيلزم إلغاء دليل فسّاقهم الذي هو نصّ بالنسبة إلى دليل العلماء ، وكلّ من اللازمين باطل ، فكذا ملزومهما.
٢٩٤٤. الترجيح الحاصل من ملاحظة الترتيب في المثال المتقدّم إنّما كان في بعض المتعارضات ، وهنا بين الجميع ، وهو هنا كون العامّ بعد تخصيصه أقلّ أفرادا من الآخر ، وهو من جملة مرجّحات الدلالة كما تقدّم سابقا.
٢٩٤٥. لا يخفى أنّ مادّة الاجتماع بين الأوّل والثاني ـ أعني : العالم الفاسق غير الشاعر ـ داخلة تحت الأوّل فيجب إكرامه ، ومادّة الاجتماع بين الثاني والثالث ـ أعني : الفاسق الشاعر غير العالم ـ داخلة تحت الثاني فيحرم إكرامه ، ومادّة الاجتماع بين الأوّل والثالث ـ أعني : العالم الشاعر غير الفاسق ـ داخلة تحت الثالث فيستحبّ إكرامه. وأمّا مادّة اجتماع الجميع فداخلة تحت الثالث أيضا ، كما يظهر ممّا ذكره المصنّف رحمهالله ، وسنشير إليه.