الشيخ والآخر بقراءة الشيخ عليه ، وهكذا غيرهما من أنحاء التحمّل.
هذه نبذة من المرجّحات السنديّة التي توجب القوّة من حيث الصدور ، وعرفت أنّ معنى القوّة كون أحدهما أقرب إلى الواقع من حيث اشتماله على مزيّة غير موجودة في الآخر ، بحيث لو فرضنا العلم بكذب أحدهما ومخالفته للواقع كان احتمال مطابقة ذي المزيّة للواقع أرجح وأقوى من مطابقة الآخر ، وإلّا فقد لا يوجب المرجّح الظنّ بكذب الخبر المرجوح (*) ؛ من جهة احتمال صدق كلا الخبرين ، فإنّ الخبرين المتعارضين لا يعلم غالبا كذب أحدهما ، وإنّما التجأنا إلى طرح أحدهما بناء على تنافي ظاهريهما وعدم إمكان الجمع بينهما لعدم الشاهد ، فيصيران في حكم ما لو وجب طرح أحدهما لكونه كاذبا فيؤخذ بما هو أقرب إلى الصدق من الآخر.
والغرض من إطالة الكلام هنا أنّ بعضهم (٢) تخيّل أنّ المرجّحات المذكورة في كلماتهم للخبر من حيث السند أو المتن ، بعضها يفيد الظنّ القويّ ، وبعضها يفيد الظنّ الضعيف ، وبعضها لا يفيد الظنّ أصلا ، فحكم بحجّية الأوّلين واستشكل في الثالث من حيث إنّ الأحوط الأخذ بما فيه المرجّح ، ومن إطلاق أدلّة التخيير ، وقوّى ذلك بناء على أنّه لا دليل على الترجيح بالامور التعبّديّة في مقابل إطلاقات التخيير.
وأنت خبير بأنّ جميع المرجّحات المذكورة مفيدة للظن الشأني بالمعنى الذي ذكرنا ، وهو أنّه لو فرض القطع بكذب أحد الخبرين كان احتمال كذب المرجوح أرجح من صدقه ، وإذا لم يفرض العلم بكذب أحد الخبرين فليس في المرجّحات المذكورة ما يوجب الظنّ بكذب الآخر (**) ، ولو فرض أنّ شيئا منها كان في نفسه موجبا للظنّ بكذب الخبر كان مسقطا للخبر عن درجة الحجّية ومخرجا للمسألة عن التعارض ، فيعدّ ذلك الشيء موهنا لا مرجّحا ؛ إذ فرق واضح عند التأمّل بين ما يوجب في نفسه مرجوحيّة الخبر وبين ما يوجب مرجوحيّته بملاحظة التعارض وفرض عدم الاجتماع.
______________________________________________________
التي هي بصورة أن يكون تلميذا لا شيخا انتهى.
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : «لكنّه».
(**) فى بعض النسخ بدل «الآخر» ، أحد الخبرين.