وفي رواية أخرى : قالت : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا ، قالت : فتواصينا أنا وحفصة [أنّ](١) أيّتنا دخل عليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلتقل : إني أجد منك ريح مغافير ، أكلت مغافير (٢) ، فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له ، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا ، فنزل : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ)(٣).
وهذا هو الأشبه ؛ لأن عائشة وحفصة كانتا متظاهرتين.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي وعامة المفسرين في سبب نزولها : أن حفصة ذهبت إلى أبيها تتحدث عنده ، فأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى مارية فظلّت معه في بيت حفصة ، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة ، فرجعت حفصة [فوجدتها](٤) في بيتها ، فغارت غيرة شديدة ، فلما خرجت دخلت حفصة فقالت : قد رأيت من كان عندك وقد سؤتني ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : والله لأرضينّك ، وإني مسر إليك سرّا فاحفظيه ، قالت : وما هو؟ قال : إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام رضى لك.
فانطلقت حفصة إلى عائشة فقالت لها : أبشري ، إن النبي صلىاللهعليهوسلم قد حرّم عليه
__________________
(١) زيادة من ب.
(٢) المغافير : صمغ شبيه بالناطف ينضحه العفرط فيوضع في ثوب ثم ينضح بالماء فيشرب ، واحدها : مغفر (اللسان ، مادة : غفر).
(٣) أخرجه البخاري (٤ / ١٨٦٥ ح ٤٦٢٨) ، ومسلم (٢ / ١١٠٠ ح ١٤٧٤).
(٤) في الأصل : وجدتها. والتصويب من ب.