ثم أخبر أن ذلك من فعل الشيطان فقال : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) من تزيينه وتسويله ، (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوهم يتناجون ترامت بهم الظنون وقالوا : لعلهم قد سمعوا عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا قتلا وهزيمة ، وما أشبه ذلك مما يحزنهم.
وقد نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن النجوى التي هي في مظنة الأذى ، ففي الصحيح (١) من حديث ابن مسعود : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجينّ اثنان دون صاحبهما ، فإن ذلك يحزنه» (٢).
قوله تعالى : (وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ) أي : وليس الشيطان. وقيل : الحزن بضار المؤمنين (شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) قال مقاتل (٣) : إلا بإذن الله في الضرّ.
ثم ندب الله تعالى المؤمنين إلى الالتجاء إليه والاعتماد عليه فقال : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(١١)
قوله تعالى : (إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) قرأ عاصم : " في المجالس" على إرادة العموم ، أو لأن مجلس الرسول صلىاللهعليهوسلم مجلس لكل واحد منهم. وقرأ
__________________
(١) في ب : الصحيحين.
(٢) أخرجه مسلم (٤ / ١٧١٨ ح ٢١٨٤).
(٣) تفسير مقاتل (٣ / ٣٣٢).