عبد الرحمن ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله قال : «سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يحدث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه : فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت (١) منه رعبا ، [فرجعت](٢) فقلت : زمّلوني زمّلوني ، فدثّروني ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إلى قوله : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ). قال أبو سلمة : والرجز : الأوثان. ثم حمي الوحي وتتابع» (٣).
قال الخطابي : " فجئثت" : أي : فرقت ، يقال : رجل مجؤوث. وقد صحّفه بعضهم فقال : " فجبنت" ، من الجبن. وهذا يدل على أن هذا من أول ما نزل من القرآن. وقد ذكرنا الصحيح من ذلك في مقدمة الكتاب.
فصل
اختلف العلماء في الشهر الذي ابتدئ فيه الوحي ؛ فقال أبو هريرة : نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم بالرسالة يوم سبعة وعشرين من رجب ، وهو أول يوم هبط فيه (٤).
وقال ابن إسحاق : ابتدئ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتنزيل في شهر رمضان ، فأما اليوم الذي ابتدئ فيه بالوحي ، فقد روى مسلم في صحيحه : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل عن
__________________
(١) فجئثت : أي : ذعرت وخفت (اللسان ، مادة : جأث).
(٢) في الأصل : فرعت. والتصويب من ب ، والبخاري (٤ / ١٨٧٥).
(٣) أخرجه البخاري (٤ / ١٨٧٥ ـ ١٨٧٦ ح ٤٦٤١ ، ٤٦٤٢).
(٤) ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه (٨ / ٢٨٩) مطولا.